سليمان جودة
فى اللحظة التى سيعلن فيها المشير عبدالفتاح السيسى ترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة سنجد أنفسنا أمام مرشح واحد تقريباً، لأن كل المرشحين المحتملين الآخرين من أصحاب الفرص القوية فى الفوز، أعلنوا واحداً وراء واحد أنهم لن يخوضوا السباق إذا ما قرر السيسى أن يخوضه!
والحقيقة أن حكاية المرشح الواحد ليست ذنب الرجل، فهو لم يفرض نفسه مرشحاً، وإنما فرضته الأحداث من حوله، وأكاد أقول إنه لو كان أمامه اختيار، لاختار ألا يرشح نفسه، فهو قائد وطنى عظيم قام بمهمة عظمى فى إنقاذ الوطن من الاحتلال الإخوانى الذى دام عاماً، وأياً كان إنجازه فيما بعد حين يصبح رئيساً، فإن تلك المهمة العظمى سوف تبقى تاجاً على رأسه، ووساماً يرصّع صدره.
لذلك، فالبديل الوحيد عن عدم وجود مرشحين أقوياء أمامه هو برنامجه الانتخابى، وأظن أننا فى حاجة إلى أن نناقش هذا البرنامج بامتداد المجتمع كله، وأن نأخذ وقتنا فى مناقشته حتى لو وصل الأمر إلى حد استقدام خبراء متخصصين من الخارج ليكونوا عوناً لنا فى هذا الاتجاه!
فى انتخابات 2012 كنا أمام كفتين تكاد كل واحدة منهما ترجح الأخرى، رغم تزوير الانتخابات وقتها لصالح المرشح الإخوانى.. ولكن.. كان هناك رغم ذلك مرشح يحوز نصف عدد أصوات الناخبين تقريباً، وكان هناك مرشح فى مواجهته يحوز النصف الآخر، وكانت المنافسة، لو حتى بمعناها الظاهرى، موجودة وقائمة.
اليوم، وفى حالة ترشح المشير السيسى، نظل إزاء وضع فريد من نوعه، وهو وضع نشأ عن ظروف ثورة 30 يونيو وعن وضعية ومواصفات البطل الذى أفرزته أحداثها كثورة، ولذلك، سنكون أمام مرشح قادته أجواء مصاحبة إلى موقع ربما لم يكن يفكر فيه، ولا كان يجول فى خاطره.
ولأن هذا هو المرشح، ولأن هذه هى ظروفه، فإن جهدنا الأكبر يجب طوال الفترة المقبلة أن يتوجه بكامله إلى برنامجه الانتخابى، وأن نعمل على أن يكون البرنامج كفيلاً بنقل المواطن من منطقة «أ» يقف فيها الآن، ومنذ سنين إلى منطقة «ب» يتطلع إليها، لعل أحواله تتحسن قليلاً!
وليس لأحد أن يستغرب أنى أقول إننا يجب ألا نتردد فى الذهاب فى مناقشة البرنامج إلى أقصى حد ممكن، حتى لو كان هذا الحد هو الاستعانة بخبراء من الخارج فى هذا الشأن.. فالبرنامج الذى أقصده هنا، والذى نترقبه من صاحبه سوف يكون بمثابة «الروشتة» التى يحدد عليها الطبيب علاج المريض، وإذا كنا لا نبخل على أى شخص مريض بالعلاج فى الخارج، إذا كان علاجه متاحاً هناك، وكان ذلك فى إمكاننا، فالمريض الذى بين أيدينا إنما هو دولة عانت من الأمراض على مدى ستين عاماً، ولاتزال، وليس مجرد شخص، ولذلك لا تحرموها، ولا تضنوا عليها ببرنامج عمل تستحقه، وتستأهله، ثم إنها تنتظره.
نقلاً عن "المصري اليوم"