سليمان جودة
وقف «مرسى» مع أعضاء فى جماعته، صباح أمس، أمام القاضى، فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، وسوف يقف هو أيضاً، صباح اليوم، مع مجموعة أخرى من جماعته، أو عصابته، أمام قاض مختلف، فى قضية التخابر على الدولة المصرية.
وفى الحالتين، أمس، واليوم، كان القفص الزجاجى يضمهم جميعاً، وكانوا هم، ولايزالون، يتبرمون منه، ويطالبون مباشرة، مرة، ومن خلال المحامين عنهم، مرات، بإزالة القفص، مع أنه ليس بدعة، ومع أننا لم نخترعه، ولا ابتدعناه، فقد سبق أن وقف أمامه متهمون كثيرون، بامتداد العالم، وكان عبدالله أوجلان، هو أشهرهم، عندما حوكم من داخله، فى تركيا، وصدر عليه حكم، لايزال ينفذه فى جزيرة تركية إلى اليوم.
ومع هذا كله، فإن المتهمين الإخوان، سواء فى اقتحام السجون، أو فى التخابر، تركوا أصل الموضوع، وتركوا التهم الكبرى التى تحيط برقابهم التى تصل فى عقوبتها على بعضهم إلى الإعدام، وتفرغوا للشكوى من القفص والمطالبة بإزالته، وكأن القفص هو الموضوع، وكأن إزالته سوف تمحو جريمة التخابر عن مرسى وجماعته، ضد هذا الوطن، وضد كيانه، وضد وجوده نفسه!
طبعاً نعرف أن «مبارك» دخل القفص ذاته، ولم تصدر عنه أى شكوى منه، ولم يزعم أنه أطرش وهو فى داخله، كما فعل «مرسى» وأفراد جماعته، وعندما سأل القاضى الرئيس الأسبق عما إذا كان يسمعه، كقاضٍ، من داخل القفص، رد مبارك وقال - ما معناه - إنه يسمع جيداً، بما يعنى بشكل مباشر، أن كل ما نسمعه من المتهمين الإخوان، مجرد تلاكيك، وتماحيك، القصد منها التشويش على جرائم الخيانة المتهمين فيها، والتى تعريهم تماماً، أمام كل مواطن مصرى يحمل ذرة من ولاء لهذا البلد الغالى.
ومع ذلك، فلو كنت فى مكان السلطات المختصة، لأزلت الصندوق، ليس استجابة لطلباتهم، فالمحكمة محكمة، وما يراه القاضى يجرى تطبيقه على المتهم، أياً كان، غصباً عن عينيه!
لو كنت مكان السلطة المختصة، لأزلت القفص، لسبب آخر تماماً، هو أن يبدو «مرسى» والذين معه، أمام المصريين، على حقيقتهم العارية، لأننا، عندئذ، سوف نسمع منه، مثلاً، أنه رئيس شرعى، وهى عبارة أصبحت تثير الشفقة عليه، والضحك منه، أكثر مما تثير أى شىء آخر، وسوف نسمع من سائر المتهمين هرتلة عبيطة من نوعية الهتاف ضد الجيش، وهو هتاف يجعل المصريين يزدادون تمسكاً بجيشهم العظيم، ويصممون على الوقوف وراءه، وإلى جواره، هو والشرطة، فى مهمتهما المقدسة، إلى آخر مدى.
القفص الزجاجى لهم، يبدو وكأنه ورقة توت تسترهم، فأزيلوها عنهم، لنراهم عرايا كم هم، ولا تخشوا مما سوف يقولونه، فنحن نعرفه، ونحفظه، ونضحك عليه!
نقلاً عن "المصري اليوم"