سليمان جودة
نشرت الصحف، صباح الخميس، الخبر التالى: قرر المستشار إبراهيم الهنيدى، رئيس جهاز الكسب غير المشروع، حفظ التحقيقات فى البلاغات المقدمة ضد الدكتور زاهى حواس، بعد ثبوت براءة ذمته المالية!
ولو أن أحداً قارن بين الخبر هذه المرة، وبين أخبار البلاغات من قبل، فسوف يكتشف أن خبر البراءة تم نشره على استحياء، فى صفحة داخلية من الجريدة، وفى مساحة مخنوقة ومنزوية، لا يكاد يراها قارئ!.. وفى المقابل، كانت أخبار البلاغات، فى وقتها، مانشيتات فى الصفحات الأولى، وكأن الهدف كان هو تجريس المتهم، أياً كان المتهم، قبل أن يقول القضاء فيه كلمة، بالبراءة أو حتى بالإدانة!
والحقيقة أن ما حدث مع الدكتور زاهى حدث مع آخرين كثيرين من قبل، وليست حالة الرجل إلا مجرد نموذج صارخ، يجب أن نتوقف أمامه كثيراً، وألا نمر عليه، كنموذج، مروراً عابراً أبداً!
لقد جاء عليه وقت كان سجيناً فى بلده، وكان يتلقى الدعوات وراء الدعوات ليمثل بلده، أو يتحدث عنه فى أكثر من محفل دولى، وكان يعجز عن المغادرة، لأنه كان يستيقظ فى كل صباح على بلاغ جديد يمنعه من السفر!
لذلك، فما أتمناه الآن، وأظن أن كل إنسان عاقل يتمناه، أن يقف أصحاب تلك البلاغات ضده أو ضد غيره أمام جهات التحقيق نفسها، وأن يتم فتح تحقيق جاد مع كل واحد فيهم، فى اللحظة التى تم فيها حفظه مع الدكتور زاهى!
حاكموا أصحاب تلك البلاغات، وعلموهم أن سُمعة الناس ليست لعبة، وأن إثبات التهمة فى حق أى إنسان بتوفير أدلة الإدانة إنما هو مسؤولية الذى قام بالإبلاغ، وليست مسؤولية جهة التحقيق، وبما أن الذى أبلغ عن زاهى حواس، وهو هنا مجرد مثال من أمثلة كثيرة، قد عجز عن تقديم دليل يثبت إدانة ذمته المالية، فمن الطبيعى، بل من الواجب، أن يمثل كل الذين أبلغوا عن أبرياء أمام جهات التحقيق ذاتها، وأن تجرى معاقبتهم على الملأ، لعل كل واحد منهم يتوقف عن عبث ظل يمارسه منذ ما يزيد على ثلاث سنوات!
علينا أن نحسب، كم من الوقت بددنا، منذ 25 يناير 2011، فى التحقيق فى بلاغات يتبين الآن فقط أنها كيدية، وأن التهمة كانت وهمية، وأن كل هؤلاء الذين تخصصوا فى الإبلاغ عن عباد الله، مع مطلع كل نهار، لم يكونوا يفعلون شيئاً سوى إضاعة وقتنا، وكانوا وكأنهم تخصصوا فى إهدار وقت بلد بكامله!
حاسبوهم من فضلكم، وحاكموهم، وعاقبوهم، وانتبهوا إلى أن أغلب وقتنا، منذ 25 يناير، قضيناه، بل بددناه بالمعنى الكامل للكلمة، فى التحقيق فى بلاغات تبين لنا، بعد كل هذه الشهور والسنين، أنها خيالية، وأن الذين جرى الإبلاغ فى حقهم أبرياء!
لأكثر من ثلاث سنوات كانت جهات التحقيق فى أغلبها، تجرى وراء وهم، وتُحقق فى سراب، وتلاحق اتهامات لا أدلة عليها، ولم تكن تستطيع أن تمتنع، حتى لا يتهمها أحد بالتقصير، ولذلك لا نطلب شيئاً فى هذه اللحظة سوى عقاب الذين بددوا وقتنا، الذى هو أغلى الثروات.
العدل أن يتجرعوا ذات الكأس!
نقلاً عن "المصري اليوم"