سليمان جودة
قرأت للدكتور نبيل العربى، أمين عام جامعة الدول العربية، أمس الأول، كلاماً معناه أنه كأمين عام للجامعة لم يستقبل طلباً رسمياً تناقش الجامعة بموجبه الأزمة القائمة حالياً بين قطر من ناحية، وبين السعودية والإمارات والبحرين، وقبل الدول الثلاث تأتى مصر، من ناحية أخرى.
وصباح أمس، قرأت له كلاماً قاله أمام وزراء الخارجية العرب، الذين اجتمعوا على مائدته فى الجامعة، وكان معنى الكلام أن الدكتور نبيل يطلب العمل بشكل مشترك للقضاء على مظاهر الإرهاب الذى تفشى مؤخراً فى بعض البقاع العربية.
وحقيقة الأمر أن قائل هذا الكلام فى الحالتين، وعلى يومين متتاليين، ليس هو نبيل العربى الذى عرفناه، أو على الأقل سمعنا عنه، قبل 25 يناير 2011.
فقبل 25 يناير، كان هناك كلام قوى، عن أن «مبارك» لم يجرب أن يستفيد من إمكانات العربى، كما يجب، وأن هناك إقصاء مقصوداً للرجل، عن أى موقع سياسى مهم، وأنه لو أتيحت له الفرصة فسوف يكون صاحب أداء مختلف!
وفيما بعد 25 يناير مباشرة، جاء نبيل العربى وزيراً للخارجية، واستبشر الناس خيراً بمجيئه فى تلك الأيام، غير أنه لم يمكث فى منصب وزير الخارجية سوى أسابيع معدودة، وبالتالى فلا يمكن أن يقال إنه نجح أو لم ينجح فى الخارجية، لأن الوقت لم يسعفه.
غير أن موقع أمين عام الجامعة شىء آخر، لأن للرجل فيه الآن ما يقرب من العامين، وأظن أن هذه الأزمة الأخيرة هى فرصته السانحة ليقال عنه فيما بعد إنه فعل كذا، وإنه غادر الجامعة، حين غادرها، وقد أنجز كذا!
صحيح أن قوة الجامعة ككيان هى حاصل جمع قوة أعضائها، وصحيح أن الأمين العام عنده أدوات محددة يعمل بها، ولا يستطيع أن يتجاوزها، وصحيح كذلك أن هذه الأدوات قد لا تسعف نبيل العربى.. أقول قد، بل إنها قد تخذله، فى لحظة الجد، غير أن هذا كله شىء، ورغبته فى أن يقدم شيئاً مختلفاً يبقى من بعده للعواصم العربية فى ظروفنا هذه، ولكل مواطن عربى أيضاً، شىء آخر تماماً.
مثلاً.. هل هو فى حاجة إلى أن يتلقى طلباً رسمياً للتعامل مع الأزمة الكبيرة التى أشرت إليها فى أول هذه السطور؟!.. وهل هناك أحد سوف يمنعه إذا ما بادر وقال إن واجبه، كأمين عام للجامعة، يحتم عليه أن يقتحم أزمة كهذه، وأن يتعامل معها وفق الأصول، بصرف النظر عمن يمكن أن يغضب هنا أو يرضى هناك، فى أى عاصمة عربية؟!.. وهل يستطيع أن يمنعه، أو يقف فى طريقه، إذا ما قال هو للطرف المخطئ فى الأزمة، وبناء على المعلومات المتاحة أمامه فى الأزمة، إنه مخطئ، علناً، وعلى الملأ؟!
مثال آخر.. إذا كان هو يطلب العمل بشكل مشترك، للقضاء على مظاهر الإرهاب الذى تفشى فى بعض البقاع العربية، فهل يفترض هو كذلك أننا لا نعرف أنه يعرف تماماً من بالضبط يدعم هذا الإرهاب، ومن بالضبط أيضاً يقاومه، ويعانيه فى كل ساعة من ساعات اليوم؟!
د. نبيل.. نريد أن نرى اليوم، نبيل العربى الذى سمعنا عنه قبل 25 يناير، وإلا فإذا لم نكن سوف نراه الآن فمتى سنراه؟!