توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإنسان الذى هان!

  مصر اليوم -

الإنسان الذى هان

سليمان جودة

فى المناوشات التى تنشأ بين الدول، وتكاد تتحول إلى حروب محدودة، لا يسقط من القتلى أبداً عدد يساوى العدد الذى سقط فى حوادث هذا الأسبوع، فى الصعيد مرة، وفى السويس مرة أخرى! وهل يمكن لأحد أن يستوعب أن يسقط 22 قتيلاً فى حادث السويس، وأن يسقط مثلهم من المصابين، ثم يسقط قبلهم بـ24 ساعة ما يقرب من عشرين قتيلاً فى حادث آخر فى الصعيد؟!.. فإذا ما جمعت أنت حصيلة الحادثين، مع حصيلة حوادث أخرى متفرقة هنا مرة، وهناك مرات، تبين لك أن 50 مواطناً على الأقل قد فقدوا أرواحهم على الطرق، بلا ذنب، وبلا ثمن، خلال أيام معدودة على أصابع اليد الواحدة! وربما يكون أشد ما يدعو إلى الحزن فى الموضوع أنه لم يعد يستوقف أحداً على نحو ما يجب، وكأنه قد صار شيئاً عادياً، تنشره الصحف على أنه شىء يومى معتاد، ويتعامل معه القارئ على أنه شىء لم يعد جديداً! ثم يدعو إلى الحزن أكثر أن يكون الإنسان، الذى قال الله تعالى فى قرآنه الكريم إنه قد كرمه على سائر المخلوقات، يتلقى مثل هذا الهوان على أى طريق ممتد، فى القاهرة، أو فى خارجها! وما يؤلمك حقاً أن نزيف أرواح المواطنين مستمر، وأن الأمر لا يبدو أنه يؤرق أحداً من مسؤولينا الذين تعنيهم المسألة، وكأننا، كمسؤولين، قد استسلمنا للحكاية، أو كأن الذين يتسببون فى حوادث بهذا القدر المأساوى، إنما هم جن من السماء لا نملك إزاءهم أى حيلة! لا أريد أن أصل إلى الحد الذى يمكن أن يُقال فيه، وهو ما يقال همساً بالفعل، إن حوادث بهذا الحجم يجوز جداً أن يكون وراءها مدبرون من نوعية هؤلاء الذين يحاربون الدولة المصرية، هذه الأيام، على كل جبهة، مع أنهم مع الأسف، مصريون، أو يقال إنهم مصريون! والحقيقة أننا لا يجب أن نستبعد شيئاً، فى ظروفنا هذه، إذ لا يهم جماعة الإخوان، وأتباعها الذين هم بلا ضمير، شىء، إلا أن يؤلبوا الناس على الحكومة، وعلى السلطة عموماً، حتى ولو كان الثمن هو أرواح مواطنين خرجوا يسعون وراء الرزق، فصادفهم سوء الحظ إلى هذه الدرجة! وأياً ما كان الموضوع وراءه قصد، وعمد، أو أنه يقع إهمالاً شنيعاً لا أكثر، فإننا فى الحالتين أمام عملية يصعب، بل يستحيل، أن تدوم على هذه الصورة، وإذا دامت فليس لها معنى، عندئذ، إلا أن المسؤولين عنها وعن أسبابها لا يحاسبهم أحد، ولا يسألهم أحد! وسواء كان العيب فى كل الحالات، من السائق، أو من الطريق، أو من السيارة ذاتها، ففى الأحوال كلها هناك مسؤول سمح لشخص غير مؤهل للقيادة بأن يقود سيارته، وهناك مسؤول عن طريق أقر بأنه يصلح لأن يستخدمه المواطنون، وهو لا يصلح، وهناك مسؤول أو موظف يعرف أن السيارة التى يمنحها رخصة للعمل لا تستوفى مواصفات السير، ومع ذلك يمنحها رخصتها، بلا مبالاة لا مثيل لها، وباستهتار بأرواح الناس، لا نظير له! وما يبعث على الحيرة حقاً أنك تكاد لا تجد مسؤولاً بعينه تخاطبه فى قضية الإنسان فى البلد، وفى هوانه على بلده، إلى هذا المستوى الموجع.. هل تخاطب رئيس الحكومة الذى استهل عمله قبل أيام، وقال إنه يريد أن يحس المواطن بأن اليوم فى حياته أفضل من الأمس؟! أم تخاطب وزير النقل الذى جاءته أيام حظر التجول فرصة من السماء، ليقوم خلالها بالصيانة المفترضة على الطرق والسكة الحديد، فلم يفعل، أم تخاطب المسؤولين عن المرور بطول البلد وعرضه، أم تخاطب مَنْ؟! أخاطبهم جميعاً، ولا نراهن على شىء قدر رهاننا على أن يدرك، كل واحد منهم فى موقعه، أن أغلى ما فى أى بلد هو الإنسان، وأنه إذا هان، هان كل ما سواه! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان الذى هان الإنسان الذى هان



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon