سليمان جودة
لا أعرف ما إذا كان من الممكن أن أطرح هذه الفكرة على المشير السيسى، ليجعلها فى برنامجه الانتخابى، إذا ما قرر الترشح للرئاسة، أم أطرحها على المهندس إبراهيم محلب، بصفتين: صفته الحالية، كرئيس للحكومة، ثم صفته السابقة، كوزير إسكان، أم أطرحها على الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، الذى أتصوره وهو يتبناها كفكرة، ويجاهد من أجلها، إذا ما ساء حظها مع المشير، ومع رئيس الحكومة؟!
الفكرة سبق أن طرحتها مراراً أيام مبارك، ثم أعدت طرحها، أيام مرسى، واليوم أعيد طرحها، وسوف أظل أطرحها بإذن الله، لعل الله تعالى يقيد لها مسؤولاً ينقلها من خانة الكلام إلى خانة الفعل.
وهى تتصل مباشرة بأرض مطار إمبابة، الذى يريد البعض أن يحولها إلى مولات تجارية، وكأن البلد تنقصه مولات من هذا النوع، ويريد البعض الآخر أن يقيم فيها عمائر وناطحات سحاب، وكأن الجيزة ينقصها الزحام الذى تخلقه مثل هذه الناطحات بطبيعتها، أو كأن العاصمة التى صارت الجيزة تدخل فى نطاقها، ينقصها أن نضيف إليها زحاماً فوق زحام!
قلنا ونقول، وسوف نظل، إنه حرام أن ينشأ أبناؤنا فى مدارس مخنوقة فى وسط البد، وفيما حول وسط البلد، فى الوقت الذى نملك فيه أن نطلق لعقولهم القدرة على الخيال فى مكان مفتوح بامتداد أرض المطار وعرضها!
هل يجوز أن يكون هذا هو حال مدارس تلاميذنا فى وسط البلد، وفيما حوله، بينما أرض المطار فى انتظار قرار من مسؤول عنده ضمير، ينقل به التلاميذ من الضيق الذين يتلقون تعليمهم فيه إلى رحابة الأرض هناك، وما سوف تتيحه بطبيعتها من ملاعب مفتوحة، وفصول آدمية، ومعامل لائقة أمام كل تلميذ؟!
أيهما أفضل بالله عليكم: أن تقوم على أرض المطار مولات، لا هدف لها إلا إغراء الناس بالمزيد من الاستهلاك، وإغراء القائمين عليها بالمزيد من الربح، أم أن تقوم عليها عمارات تضيف أعباء جديدة إلى عاصمتنا المنهكة، أم تتحول أرض المطار إلى مدينة تعليمية ممتدة ومجهزة، تقدم تعليماً نحتاجه لكل تلميذ، ولكل طالب؟!
الشىء المحزن حقاً أننا لا نبتدع حين ننادى بفكرة كهذه، ولا نؤلف ولا نخترع، وإنما نطلب فقط أن نتصرف كما تصرفت دول متطورة أخرى، فى أرض مطارات قديمة خلت على أطراف المدن فيها!
وإذا كان الرئيس عدلى منصور قد قال، فى أول حوار له بعد توليه مهام منصبه، إن التعليم يمثل أولوية من أولويات أربع، تشغله فى موقعه، فأتصور أن يعمل الرجل، فيما تبقى له فى الموقع، على أن يترجم هذا الكلام إلى فعل حى، وأظن أن حماسته من أجل مدينة تعليمية على أرض مطار إمبابة سوف تكون هى التجلى الأعظم، على أنه لم يتكلم فقط عن التعليم، وإنما ذهب بكلامه إلى حيز الأفعال.
الموافق على ما أقوله يرفع أصبعه، لعل كل مسؤول من المسؤولين الأربعة، الذين ذكرتهم، يحس بأننا نريد «أمارة» على أن التعليم أولوية فعلاً.
نقلاً عن "المصري اليوم"