سليمان جودة
فى الاستراحة الملحقة بالقاعة التى انعقدت فيها القمة العربية، أمس الأول، كان الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، قد وقف فى اتجاه الباب الفاصل بين القاعة وبين الاستراحة، بينما يده اليمنى فى يد الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، ويده اليسرى فى يد الأمير سليمان بن عبدالعزيز، ولى عهد السعودية، ويبدو أن الشيخ صباح قد خطط بينه وبين نفسه، ليدخل الثلاثة على هذا المنظر، ويبدو أنه كان قد أراد أن يقول إذا ما دخل الثلاثة وأياديهم فى أيدى بعض هكذا، فإنه لايزال يواصل مساعيه الصادقة لمصالحة بدأ العمل من أجلها قبل انعقاد القمة بأسابيع، وربما بشهور مع وزير خارجيته الشيخ صباح الخالد.
غير أن الباب حين انفتح حدث شىء لاحظه الجميع، وهو أن يد الشيخ تميم قد تراخت حتى ابتعدت، بينما بقيت يد الأمير سلمان فى وضعها الأول!
ولا أحد يعرف ما إذا كان ما جرى من جانب الشيخ تميم كان صدفة مجردة، أم أنه من ناحيته خشى أن يفهم الحاضرون، من وجود يده فى يد أمير الكويت معنى لا يريده هو ولا يرغب فيه؟!
وفى الاستراحة كان هو أيضاً قد صافح والابتسامة تملأ وجهه الرئيس عدلى منصور، عندما دخل عليه، وكان «منصور» متواجداً فيها مع سائر الرؤساء ورؤساء الوفود، وقد راح الحاضرون يخمنون، ويتوقعون ويقرأون فى مصافحة عابرة أشياء لا تحتملها مصافحة من هذا النوع!
وفى كل الأحوال، فإن أمير قطر حين ألقى كلمته فى جلسة الافتتاح قد بدد آمالاً عريضة كانت معقودة عليه وعلى خطابه، لأنه ـ مثلاً ـ تكلم عن أنه يرفض أن نسمى الذين نختلف معهم سياسياً إرهابيين!
ولم يكن المتابع للكلمة فى حاجة إلى ذكاء واسع لكى يفهم منها أنه يقصد جماعة الإخوان دون أن يسميها!
فإذا ما حصرنا هذا المعنى الذى جاء فى كلمته فى مصر وحدها على سبيل المثال، فسوف تكون الدهشة بلا حدود، من أن أمير قطر لايزال يرى فى «الجماعة» أنها تختلف مع الدولة المصرية سياسياً، رغم كل ما ارتكبه أتباعها، ولايزالون منذ 30 يونيو 2013 فى حق البلد عموماً وفى حق كل مواطن غير إخوانى بشكل خاص!
والظاهر أن أمير قطر فى حاجة إلى من يهمس فى أذنه، بأن الفصيل الذى يختلف مع الدولة سياسياً لا يرفع فى وجهها السلاح أبداً كما حدث، ويحدث من جانب الإخوان على مدى تسعة أشهر إلى الآن!
الإخوان كانوا جزءاً من العملية السياسية منذ ما قبل 25 يناير 2011، وكانوا موضع تعاطف كثيرين من المصريين، ولم يكن أحد يصنفهم وقتها، كما هم مصنفون حالياً ليس فى القاهرة فقط، وإنما فى الرياض، وأبوظبى، ونواكشوط معاً، وكانوا يوم 3 يوليو الماضى، مدعوين شأن أى تيار سياسى آخر إلى أن يكونوا جزءاً من خريطة الطريق التى انطلقت يومها، ولاتزال.
ولكنهم بإرادة حرة منهم أبعدوا أنفسهم، واختاروا أن يكونوا على عداء مع مجتمع بكامله، واختاروا كذلك أن يحاربوه، وهو ما لا يمكن أن يكون اختلافاً سياسياً بأى معنى بين تيار سياسى مهما كان حجمه، وبين مجتمع بحجم المجتمع المصرى!
يبدو أن الابتسامة التى أظهرها الأمير مع أمير الكويت ومع ولى عهد السعودية، ثم مع الرئيس منصور ــ لم تكن صادقة، وإلا لجاءت كلمته متسقة معها، كما أن الذى حرر له خطابه قد وضع على لسانه فيما يخص الإخوان ما لا يتفق مع الواقع، ولا يتطابق مع الحقيقة على الأرض بأى حال!
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"