توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

افعلها يا وزير الكهرباء

  مصر اليوم -

افعلها يا وزير الكهرباء

سليمان جودة

عندما يكون الواحد منا عائداً من مدينة 6 أكتوبر ــ مثلاً ــ ثم يرى بعينيه أن أعمدة الإنارة مضاءة فى منتصف النهار، على طول الدائرى مرة، وبامتداد المحور مرات، فلابد أن يترسخ فى أعماقه يقين بأن بلداً يشكو نقص الكهرباء فى ظل حالة من السفه فى الاستهلاك كهذه فى الشوارع والطرق، إنما هو بلد يستحق ما هو فيه من تراجع على كل مستوى، بل يستحق مسؤولوه المقصرون فى حقه أن نلعنهم فى كل كتاب! وعندما قرأت مؤخراً أن الدكتور على عبدالرحمن، محافظ الجيزة، قرر تشكيل لجان للتأكد من إضاءة الأعمدة ليلاً وإطفائها نهاراً توجست خيفة، وتسرب فى داخلى شعور بأن خطوة كهذه، رغم حسن نيتها من جانبه، لن تؤدى إلى شىء، لسبب أساسى هو أن التأكد من هذه المسألة لا يحتاج قطعاً إلى لجان تتشكل وتنعقد بقدر ما هو فى حاجة إلى عقاب رادع يجرى توقيعه، ولو مرة واحدة على المسؤول عن الإضاءة والإطفاء، وبعدها سوف تستقيم الأمور وتمشى وحدها، وسوف ينافس الأداء عندئذ، وعندئذ فقط، فى دقته، دقة ساعات سويسرا فى الدوران! أما قبل ذلك، فسوف تظل الأعمدة مضاءة نهاراً، ومطفأة ليلاً، وسوف نظل نشكو وسوف تتقاضى لجان الجيزة بدلات اجتماع توازى أو تزيد على ما سوف يوفره القطاع لو انتظم فيه الأداء! أذكر مرة أنى كنت فى الولايات المتحدة، وكنت ضيفاً مع آخرين على مسؤول فى مبنى الخارجية الأمريكية، وفى الغرفة التى ضمت اللقاء، لاحظت أن ورقة معلقة على يمين الخارج من الغرفة، وأنها تقول إن على آخر خارج من المكان أن يطفئ الأنوار، وحين هممنا بالانصراف، تلكأت لأرى كيف سيكون الحال، وكان أن رأيت أن آخر منصرف فينا، وكان مسؤولاً كبيراً فى الوزارة، قد وضع كل ما فى يديه من أوراق وكتب، ليتمكن من إطفاء لمبة الحجرة، وقد فعل ذلك بالطبع دون أن يتطلع إلى الورقة، ودون أن يطالع ما فيها، لأن الحكاية تحولت عندهم، وعند غيرهم من الأمم المتطورة، من كلام على الورق إلى «ثقافة» تجرى فى الدم! وأى نظرة مدققة فيما حولك، سوف تكشف لك إلى أى حد غابت عنا ثقافة من هذا النوع غياباً تاماً! راقب أنت أى بيت تدخله، وسوف يتبين لك أن صاحبه يجلس فى الصالون، مثلاً، ويضىء فى الوقت ذاته أنوار المطبخ والسفرة وغرفة المكتب، ثم لا يشعر بأى ذنب يؤرقه، ولا بأى تقصير! وفى حوار للدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء مع «الأهرام»، قال إن إطفاء لمبة واحدة 40 وات فى كل بيت يحل المشكلة الحالية. وليس لهذا معنى إلا أن القصة محتاجة فقط إلى حملة توعية مستمرة، بحيث تنبه كل مواطن بشكل دائم إلى أن عليه أن يقتصد فى إضاءة الأنوار فى بيته، وأن يضىء المكان الجالس فيه فقط، ثم يطفئ ما عداه. ولا أعرف لماذا لا يذهب الوزير شاكر إلى هذا الحل من أقصر طريق ويركز عليه، فهو كله فى يديه، كما أنه ممكن وسهل بدلاً من أن تتسول الوزارة وقودها من «البترول» تارة، أو تستعطف الناس لتقطع عنهم التيار تارة أخرى؟! د. شاكر: الحل فى يديك، وتستطيع إنجازه بحملة منظمة تعرف هدفها وتصمم عليه، وساعتها سوف لا تكون كوزير مسؤول قد نجحت فى تخفيض معدل الاستهلاك وفقط، وإنما ستكون، وهذا هو الأهم، قد زرعت «ثقافة» مختلفة، نحن أحوج ما نكون إليها، فى وجدان كل إنسان! نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

افعلها يا وزير الكهرباء افعلها يا وزير الكهرباء



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon