سليمان جودة
على الصفحة الأولى من «المصرى اليوم»، أمس الأول، قال الدكتور وحيد دوس، عميد المعهد القومى للكبد، إنه تم الاتفاق مع شركة أمريكية على توريد 300 ألف جرعة من العقار الأمريكى لفيروس سى، ابتداءً من أغسطس المقبل، وإن سعر الواحدة يصل إلى 300 دولار!
ولابد أنك حين تضع هذا الخبر أمام ما كان اللواء إبراهيم عبدالعاطى قد أعلن عنه، قبل نحو شهر من الآن، بخصوص الموضوع نفسه، سوف تصاب بحيرة شديدة، فلا تعرف أين الحقيقة، أو أين الخطأ من الصواب؟!
فاللواء عبدالعاطى كان قد أعلن، على الدنيا، أنه من خلال أجهزة متخصصة فى القوات المسلحة، قد توصل إلى علاج لفيروس سى، وإن هذا العلاج سوف يكون جاهزاً للعمل ابتداءً من يوليو المقبل، دون تأخير!
ولأننا نأخذ كل ما يصدر عن المؤسسة العسكرية مأخذ الثقة المطلقة، فليس لما أعلنه الدكتور وحيد سوى معنيين اثنين لا ثالث لهما!
فإما أنه قد تجاهل علاج الدكتور عبدالعاطى، وتعاقد بالتالى على العقار الأمريكى إياه، من تلقاء نفسه، بما يمثل إهداراً صريحاً لمال عام، وإما أنه يرى رأياً مختلفاً فى العلاج المعلن عنه من جانب إحدى مؤسسات القوات المسلحة، ولذلك فإنه تصرف بناءً على رأيه المختلف!
إنك حين تحسب بالورقة والقلم إجمالى ثمن ما تعاقد عليه رئيس معهد الكبد سوف تكتشف أنه فى حدود مائة مليون دولار تقريباً، أى فى حدود 700 مليون جنيه، وهو مبلغ - كما ترى - يمكن أن يسد باباً من الأبواب المزعجة للحكومة هذه الأيام!
وقد كنت أتصور أن تصدر صحف أمس وفيها توضيح سريع للمسألة، إما من جانب الحكومة، التى سوف تدفع فلوسها فى علاج قيل لنا قبل شهر إن عندنا بديلاً جاهزاً له، وإما من الدكتور عبدالعاطى نفسه، الذى أثار كلامه عن علاجه ضجة هائلة فى وقته، وهو ما لم يحدث على الجانبين، رغم نشر خبر الاستيراد فى الصفحة الأولى من الجريدة، ورغم أنه مثير بطبيعته لكل انتباه!
والغريب أن الدكتور دوس يقول، فى الخبر ذاته، إن الجرعات المتعاقد عليها سوف لا تصل مرة واحدة، وإنما سوف تصل تباعاً، من أغسطس إلى نوفمبر!
ومرة أخرى، فليس لهذا الكلام من معنى إلا أن العلاج المعلن عنه، مسبقاً، على لسان د. عبدالعاطى، سوف لا يكون متاحاً للناس الذين ينتظرونه فى موعده المحدد سلفاً، فى يوليو، ولا حتى إلى نهاية هذا العام، لأن توريد آخر دفعة من العقار المستورد سوف يتم، حسب كلام «دوس»، فى نوفمبر، أى قبل نهاية السنة بشهر واحد!
قولوا لنا، أيهما أحق بأن نصدقه: الدكتور دوس، أم الدكتور عبدالعاطى؟!.. وإذا كان الأخير عازماً على أن يفى بوعده معنا، فيما قاله، فمَنْ سوف يتحمل المائة مليون دولار، قيمة الجرعات المستوردة، فى بلد يترقب أى دولار من أى اتجاه؟!
"المصري اليوم"