توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاشت تبحث عن نفسها!

  مصر اليوم -

عاشت تبحث عن نفسها

سليمان جودة

إذا لم تكن الدكتورة لوتس عبدالكريم قد فعلت شيئاً فى حياتها سوى أنها عرفت محمد عبدالوهاب، ومصطفى محمود، وأحمد بهاء الدين، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعى، وصلاح طاهر، ويوسف وهبى، وغيرهم ممن هم من الوزن ذاته، فهذا يكفيها جداً لنقول، فى لحظة جد، إنها قد عاشت! غير أنك حين تطالع كتابها الممتع «رحلة البحث عنى» مع مقدمته الدافئة للصديق الشاعر أحمد الشهاوى، سوف تكتشف أنها لم تعرف هؤلاء الكبار فقط، وإنما اقتربت منهم طويلاً وكثيراً، ثم كتبت عن أغلبهم، كتابة الذى ذاق وعرف! ورغم أنى أعرفها من سنوات طويلة، إلا أنى لم أكن أتخيل أن تكون حياتها على هذا القدر المدهش من الدراما الحية، ابتداء من نشأتها فى الإسكندرية، ودراستها فى كلية الآداب هناك، ثم لندن فيما بعد، ومروراً بزواجها من سفير عاشت معه أعواماً، فى لندن، وطوكيو، وروما، ثم انتهاء بتجربة زواج أخرى، من عبدالرحمن العتيقى، الذى كان وزيراً للصحة، والداخلية، والخارجية، والمالية، والبترول فى الكويت! ولكن هذا كله لا يساوى شيئاً إلى جوار وحيدها «سالم» الذى كانت رحلتها فى الحياة بحثاً عنه فى الأساس، ومن أجله هو فى الأصل، فإذا بها، فى مرحلة من مراحل الرحلة، تلتفت فلا تجده بين يديها، فلا تملك والحال هكذا إلا أن تظل تفلسف الأمور حولها من بعده، على طريقة مصطفى محمود وتعيش على ذكراه! وفى اللحظة التى قرأت أنا ما كتبته هى فى كتابها عن يوسف وهبى تحديداً، أحسست أن بينهما خيطاً ممتداً ربط بينهما، وأن هذا الخيط يتمثل فى أن كليهما قد عاش ألف عام! تحكى فى الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، فى 700 صفحة، كيف كانت مجلة «الشموع» التى أصدرتها ذات يوم، من بين بنات أفكار عبدالوهاب، وأنه كان يريد أن يسميها «الصالون» لولا أن أحمد بهاء الدين، أول رئيس تحرير لها، قد رآه اسماً إفرنجياً، واقترح اسم «الشموع» فكان له ما أراد! وعندما تجد نفسك أمام سيدة قررت أن تنشئ مجلة بهذا الاسم، وأن يكون شعارها «من أجل قيمة الجمال فى الأدب، والفن، والحياة» فلابد أنك إزاء امرأة ذات إحساس راق، وذات عقل معاً، ولابد أنها، حين افتقدت الإحساس والعقل، كقيمة، فى مجتمعنا، قررت أن تنشئ لهما مجلة، وأن تنفق عليها من جيبها، لعل يوماً يأتى علينا يتجسد فيه شعار المجلة فى حياتنا، ولا نكون فى حاجة إلى أن نسعى لإقامة جمعية للرفق بالوجدان على نحو ما تمنى عبدالوهاب مدى حياته! لقد حازت لوتس عبدالكريم المجد من كل أطرافه، وأتاح الله لها، على كل مستوى، ما لم يكن متاحاً لغيرها ممن هن فى مثل ظروفها، بأى مقدار، ولكنها، رغم ذلك كله، لاتزال تطارد شيئاً ينقصها وتتحراه فى كل اتجاه فلا تقع له على أثر! وقد كان إحسان أصدق الناس، فى رؤية أعماقها، حين وصفها ذات يوم بأنها سيدة ينقصها، رغم كل ما عاشته، شىء ما! أتخيلها، وهى تجالس نفسها فى ساعة صدق، ثم تتطلع إلى ما فات فى أسى، وتذرف دمعة على مشوار مضى وانطوى، وتتساءل عن نوع الحصيلة التى تجدها فى لحظتها، بين يديها، فلا تتعلق فى النهاية إلا بالفلسفة، تفلسف بها ما حولها، لعلها تستوعب بعض ما كان وما جرى! وإذا كانت فى الكتاب عبارة قد أوجعتنى، فهى تلك التى قالها زوجها العتيقى، فى لحظة مصارحة مع نفسه ومعنا، فقطع فيها بأن الثروة الباقية فى أى دولة ليست ثروة النفط، كما قد نتصور، أو كما هو الحال فى بلاده مثلاً، وإنما هى ثروة البشر، ولكن أى بشر؟! "نقلًا عن المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشت تبحث عن نفسها عاشت تبحث عن نفسها



GMT 09:38 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لمن يهتف المتظاهرون؟

GMT 09:36 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 09:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 09:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 09:32 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أيُّ غدٍ للبنان بعد الحرب؟

GMT 09:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 09:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

GMT 09:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أما رابعهم فهو المُدَّعي خان

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon