بقلم - سليمان جودة
لم أعرف بنبأ رحيل المستشار طلعت حماد إلا من الوزير المحترم الدكتور إبراهيم فوزى، الذى كان يعرفه جيدًا، ويعرف أهمية ما قام به أيام وجوده عضوًا بارزًا فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى الأولى!.. وقد خلت الصحف من الإشارة إلى خبر رحيل الرجل ولم تنشر عنه شيئًا، رغم أنه كان يحكم مصر بمعنى من المعانى فى وقت من الأوقات!.
وأنا مع الدكتور فوزى فى حديثه عن أن للمستشار حماد الدور الأهم فيما قدمه الدكتور الجنزورى، يرحمه الله، عندما تولى الحكومة منتصف تسعينيات القرن الماضى!.
كان وزيرًا للمتابعة فى الحكومة وقتها، وكانت له معارك وصولات وجولات، سواء مع وزراء فى الحكومة نفسها، أو مع محافظين فى أنحاء الجمهورية، ولم تكن معاركه حول أشياء شخصية أو شؤون فرعية، ولكنها كانت حول أمور مائلة كثيرة كان لا يأتيه نوم إلا إذا جعلها فى مكانها الصحيح!.
وكثيرًا ما كان يطلبنى ويروى لى الكثير عن تفاصيل ما كان يفعله وقت أن كان على رأس الوزارة الأهم فى الحكومة، ولم يكن فى حاجة إلى أن يفعل ذلك، لأنى أذكر تمامًا، ويذكر معى الذين عاشوا تلك الأيام، ماذا كان يفعل، وماذا كان يقدم للعمل العام.. فلقد كان دينامو الحكومة بالمعنى الحرفى للكلمة طوال سنوات أربع كان خلالها لا يهدأ إلى جوار الجنزورى!.
ولماذا لا تكون وزارته هى الأهم إذا كانت مهمتها تتلخص فى متابعة كل شأن حكومى حتى يتحول من قرار اتخذته الحكومة إلى فعل منضبط فى حياة الناس؟!.
كان يعرف أنه مكلف وزيرًا للمتابعة، وكان يفهم المتابعة كما يجب أن تكون، وكان إذا اجتمع مجلس الوزراء يوم الأربعاء مثلًا، فإنه لا يجيئه نوم فى المساء إلا إذا انتهت المطابع الأميرية من طباعة ما جرى فى الاجتماع، ليكون فى اليوم التالى جاهزًا على مكتب كل وزير فى الحكومة!.
وقد عاش يقاتل على أكثر من جبهة على مدى سنواته الأربع، وكان قتاله مع الذين لا يهمهم إلا الشكل فيما تقدمه الحكومة للمواطنين، بينما كان هو يشغله المضمون!. كان يمارس وظيفته عن إيمان بها، وعن إخلاص لها، وعن رغبة فى الإنجاز للبلد، وكان وجوده قبل الوزارة فى المجالس القومية المتخصصة مع الدكتور عبدالقادر حاتم فرصة أتاحتها الظروف أمامه ليكون على دراية، ليس فقط بالمشكلات فى كل مجال عام، ولكن بحلول كل مشكلة أيضًا!. وإذا لم يكن يرحمه الله قد فعل شيئًا سوى أنه زرع أمامنا ضرورة المتابعة كفكرة، فهذا سوف يظل يكفيه، ولكن يبقى أن نؤمن من بعده بهذه الفكرة وأن نعطيها الفرصة لتنمو بيننا!.