توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وما الحرب إلا ما قد علمتم

  مصر اليوم -

وما الحرب إلا ما قد علمتم

بقلم - سليمان جودة

عندما أعلن الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، أعداد قتلاه في الحرب الروسية على بلاده، كانت هذه هي المرة الثانية. ففي آخر 2022 كان ميخاليو بودولياك، المستشار الرئاسي الأوكراني، قد أعلن أن جيش بلده فقد 13 ألفاً من عناصره، وأنهم سقطوا على طول الطريق منذ بدء الحرب في 24 من فبراير من السنة نفسها.

 

أما في 25 فبراير الماضي فقد أعلن زيلينسكي أن العدد صار 31 ألفاً، وأنه ليس 300 ألف، ولا حتى 150 ألفاً، كما يردد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويقول.

والمناسبة طبعاً هي مرور عامين على الحرب ودخولها السنة الثالثة، وهي المناسبة ذاتها التي بسببها خرج الرئيس الأوكراني ليعلن الرقم الذي أعلنه. وهناك الكثير الذي يمكن أن يقال في الرقم أو حتى يقال على هامشه، ومن بين ما يمكن أن يقال فيه إنه إذا كان قد وصل إلى ما وصل إليه حسب المعلن على لسان الرئيس، فإن أي مقارنة بين الرقم الآن، وبينه آخر السنة قبل الماضية، تقول إن ما فقده الجيش الأوكراني في السنة الثانية من الحرب، ضعفا ما فقده في السنة الأولى.. وهذا يدل على تصاعد حجم الخسائر على مستوى العنصر البشري وحده.

قد يكون هذا البُعد في الموضوع مجرد زاوية من الزوايا التي أراد زيلينسكي الإشارة إليها بلغة الأرقام، بينما الحرب تغادر سنتها الثانية إلى عامها الثالث.. غير أن هذا لا يعني أن ما قاله يخلو من أبعاد أخرى تكمن وراء إعلانه هذا الرقم، لأنه ليس من المتصور أن يكون قد تكلم في هذا الشأن لمجرد تكذيب بوتين فيما يقوله.

ولذلك، فليس من المستبعد أن يكون إقدامه على هذه الخطوة نوعاً من الخطاب غير المباشر الذي يتوجه به إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

نعرف أن واشنطن متهمة في الفترة الأخيرة بأن حماسها لدعم أوكرانيا في الحرب، لم يعد كما كان في البداية، وبالذات على مستوى الكونغرس الذي صار متشدداً في تمرير مبالغ الدعم المطلوبة من البيت الأبيض لدعم الجيش الأوكراني، وقد وصل تشدده في هذا الملف إلى حد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتهم رئيس مجلس النواب الجمهوري بدعم إيران وروسيا!.

وقد اتهمه بايدن بذلك، بعد أن طال تعطيل المجلس لما يطلبه البيت الأبيض في بند الدعم الأوكراني، ولم يجد سيد البيت الأبيض مفراً من توجيه اتهام كهذا إلى رئيس المجلس، لأن منع مثل هذا الدعم هو دعم غير مباشر للروس الذين يقاتلون الأوكرانيين، وللإيرانيين الذين يساعدون الروس ويمدونهم بالطائرات المُسيرة التي تضرب شرق أوكرانيا!.. أما رادوسلاف سيكوريسكي، وزير خارجية بولندا، فقد حمل رئيس المجلس مسؤولية أي هزيمة تلحق بأوكرانيا.

وعلى مستوى أوروبا لم تعد الحماسة تجاه دعم أوكرانيا كما كانت في البداية كذلك، اللهم إلا من دول معينة داخل الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، التي لا تزال الداعم الأكبر للأوكرانيين، وهي لا تفعل ذلك من أجل سواد عيونهم بالتأكيد، ولكنها تفعله بحكم قربها من روسيا جغرافياً، وبحكم أنها الأكثر تضرراً لو انتصر بوتين في الحرب.

ولهذا كله فمن الوارد جداً أن يكون زيلينسكي فكر في طريقة يستعيد بها حماسة الولايات المتحدة وأوروبا معه، فلم يجد أفضل من التلويح بعدد ضحاياه مع انتهاء السنة الثانية للحرب، وكأنه يقول إن تضاعف العدد مرشح لمزيد من التضاعف في السنة الثالثة، إذا ما تقاعس الداعمون عما يجب أن يبادروا به تجاه بلاده.

وعندما تحدث عن مؤتمر محتمل للسلام في جنيف مع مطلع الربيع، فإنه تكلم للمرة الأولى عن مؤتمر لهذا الهدف منذ بدء الحرب.

صحيح أنه يتكلم عن مؤتمر للسلام لا تحضره روسيا، وهو الأمر الذي أثار سخريتها مما يدعو إليه، ولكنه تكلم عن المؤتمر ولسان حاله يقول للأوروبيين والأمريكيين قبلهم، إنهم إذا فاتهم أن يدعموه في ميدان القتال، فليس أقل من أن يعملوا على إنجاح المؤتمر، لأن الحرب قد أنهكت أوكرانيا كما لم ينهكها شيء من قبل، وأنهم إذا شاءوا دليلاً فهذه أعداد الضحايا قد أعلنها من جانبه أمامهم.. وهي كافية للدلالة وتزيد.. أو كأنه يردد على أسماع أمريكا وأوروبا وحلفائهما، شطر البيت الذي كان الشاعر الجاهلي زهير ابن أبي سُلمى يردده ويقول: وما الحرب إلا ما قد علمتم وذقتم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وما الحرب إلا ما قد علمتم وما الحرب إلا ما قد علمتم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon