بقلم - سليمان جودة
من الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة الأسبق، جاءتنى صورة من تقرير صحفى منشور في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الصادرة يوم ٢٦ فبراير الماضى.
التقرير يتكلم عن الأطباء الشبان الذين يفكرون في العمل خارج مصر، ويقول إنهم يسارعون إذا ما ظهرت فرصة للسفر أمام أي طبيب فيهم، وبالذات إلى بريطانيا، التي تعانى نقصًا في عدد الأطباء منذ خروجها من الاتحاد الأوروبى، وتحاول تعويض النقص عندها بأى طريقة، ولا تجد أفضل من سوق الطب عندنا لتحصل منها على ما تريده.
وتتحدث كاتبة التقرير الصحفية هبة فاروق محفوظ، مع طبيب شاب تذكره باسمه الأول «محمد»، وتقول نقلًا عنه إنه عندما جاءه عرض للعمل في بريطانيا لم يتردد لحظة لأن الراتب الذي سيحصل عليه يصل إلى ٤٠ ضِعف ما يحصل عليه هنا.. أما عدد الأطباء الذين غادروا في الفترة من ٢٠١٩ إلى ٢٠٢٢، فهو عدد كبير ومقلق للغاية، ويذكره التقرير بناء على إحصاءات نقابة الأطباء.
القضية على بعضها سابقة على وجود الدكتور خالد عبدالغفار على رأس وزارة الصحة، ولكنها مستمرة فيما يظهر حتى اليوم، ولا أشك في أنها تمثل همًّا لديه.. وكنت قد أثَرْت القضية نفسها في هذا المكان، أيام الوزيرة السابقة، وكان الأمل أن تفعل شيئًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الموضوع، لولا أنها غادرت الوزارة، بينما القضية على حالها، وبينما الأطباء الشبان ينتظرون طوق نجاة، ويتمنى كل طبيب فيهم أن يجده في بلده، وألّا يجد نفسه مضطرًّا إلى الغربة في بلاد الإنجليز.
كان الدكتور الجبلى هو تقريبًا أول مَن فتح هذا الملف، وكان ذلك أثناء حديث له على قناة «القاهرة والناس»، في يناير قبل الماضى.. وهو يعلق على تقرير واشنطن بوست بسطر واحد يقول: القضية مهمة، ولها حلول، وتحتاج إلى مسار واضح للحل.
وأعتقد أنه لن يبخل على الدولة بهذه الحلول لأنه عندما تحدث في السنة الماضية كان يفعل ذلك من منظور وطنى مجرد، وكان يذكر ما ذكره من إحصاءات وأرقام لأنه يغار على المهنة التي قضى فيها حياته، ولأنه يريد مستقبلًا أفضل للطب في بلاده.
إننى أتوقع أن تحتل القضية مساحة من الاهتمام لدى الوزير عبدالغفار، وأتوقع أن يكون اهتمامه على قدر ما تمثله القضية من ضرورة وخطورة، وإذا كان الرجل قد قضى في موقعه ما يقل عن السنة، فأمامه من الوقت ما يستطيع فيه فعل شىء، وعنده من الأدوات ما يستطيع بها وقف هذا النزيف الذي سبقه إلى الوزارة.