بقلم - سليمان جودة
رغم أن المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، سبق الوزير سامح شكرى إلى زيارة سوريا، إلا أن زيارة شكرى تظل هي الأهم.
والأهمية هنا هي في طبيعة الزيارة، وفى الأجواء التي تمت فيها، وليست أهمية في البروتوكول الذي يقدم جبالى على شكرى في كل الأحوال.
فالمستشار جبالى لم يذهب إلى دمشق من القاهرة، لكنه زارها قادمًا من بغداد، وهو لم يذهب بمفرده وإنما ذهب ضمن وفد من الاتحاد البرلمانى العربى، الذي كان قد عقد اجتماعاته في العاصمة العراقية، ومنها طار الوفد إلى سوريا برئاسة محمد الحلبوسى رئيس البرلمان العراقى ورئيس الاتحاد.
وقبل أيام كان الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودى، قد قال كلاماً جديداً تماماً في الشأن السورى، وكان مما قاله في أثناء حضوره مؤتمر ميونيخ للأمن، أن إجماعاً عربياً بدأ يتشكل على أن عزل سوريا عربياً صار بلا جدوى، وأنه لا بد من الحوار معها، وأن هذا سيتم بالضرورة في وقت ما.
وعندما رأيت صورة من لقاء الوزير شكرى مع وزير الخارجية السورى فيصل المقداد، تمنيت لو كان هذا اللقاء قد جرى من سنين، وتمنيت لو يمثل لقاء الوزيرين بداية تؤدى إلى ما بعدها بين القاهرة ودمشق في جانب، ثم بين دمشق وسائر العواصم العربية في جانب آخر.
إن السوريين متروكون وحدهم من أيام ما يسمى الربيع العربى، وعلى مدى المسافة من هناك في ٢٠١١ إلى اليوم، خسر السوريون كثيراً، وخسرت سوريا أكثر وأكثر، وأخذ العرب سوريا بذنب حكومتها، ولم يفرقوا بين الحكومة وبين الشعب، ولم ينتبهوا إلى أن المشكلة إذا كانت مع حكومة الرئيس بشار الأسد فهى زائلة، مثلها مثل أي حكومة في العالم، وأن سوريا في المقابل باقية شأنها شأن أي وطن.
وإذا كان الوزير شكرى قد زارها أخيراً، فهذه هي زيارته الأولى لها، تماماً كما كان اتصال الرئيس السيسى مع الرئيس السورى يوم وقوع الزلزال، هو الاتصال الأول من نوعه بين الرئيسين، وفى الحالتين تعود سوريا إلى مصر، وتعود مصر إلى سوريا، ولا مفر من هذه العودة ولا بديل عنها، سواء كانت العودة عربية في العموم أو مصرية على الخصوص.
خسارة سوريا في زمن ما يسمى الربيع فوق ما نتصور، ونخطئ لو تصورناها خسارة سورية فقط، لأنها كانت خسارة عربية أيضاً ولاتزال.