بقلم - سليمان جودة
معنى حديث الدكتور هانى سويلم، وزير الرى، أمام مجلس النواب، قبل أيام، أن موضوع تبطين الترع فى المحافظات يخضع للمراجعة، وأكاد أقول إنه يخضع لما هو أبعد من المراجعة.
كان الهدف من التبطين هو الحفاظ على كميات المياه، فلا نفقد جانبًا منها بالتسرب فى باطن الأرض.. وكنت قد تعرضت للموضوع فى هذا المكان عند بدء عمليات التبطين، وكنت قد قلت، نقلًا عن خبراء متخصصين، إن التبطين سوف يجعلنا نتجنب التسرب بالفعل.
ولكن كانت المشكلة ولا تزال أنه عالى التكلفة، وأن الترع المبطنة ستظل فى حاجة دورية إلى التطهير والتنظيف شأنها فى ذلك شأن غير المبطنة.
كان ذلك قبل مجىء الدكتور سويلم إلى منصبه فى الوزارة، وإذا كان هو قد جاء فى أغسطس الماضى، فالواضح من معنى كلامه أمام البرلمان أن التجربة خضعت للتقييم بعد مجيئه ولا تزال.
وكان الرأى الأصوب لدى الخبراء أن نمد فى الترع مواسير ذات قطر واسع، وأن تكون المواسير بديلًا عن التبطين لأنها ذات تكلفة أقل، ولأنها عملية أكثر، ولأن مدها على طول كل ترعة سيجعل مسطح الترع مساحة جاهزة للاستخدام كأرض فضاء.. وفضلًا عن هذا كله، فالمواسير تضمن حماية كميات المياه، ليس فقط من التسرب فى مسام الأرض، ولكن من البخر فى السماء كذلك.
فإذا اعتمدنا هذه الطريقة، بالتوازى مع التوسع فى الرى الحديث، فسوف نضمن توفير الكثير من مياه الرى، وسوف نضمن توظيفًا مثاليًّا للثروة المائية المتاحة لنا.
إن الكميات التى يحتاجها الفدان الواحد فى حالة الرى بالغمر تكفى لزراعة أكثر من عشرة أفدنة بالرى الحديث، ولا تزال أساليب الرى الحديث تتنوع وتتيح خيارات متعددة.
ورغم أن الحكومة تنفذ برنامجًا عمليًّا للرى الحديث فى عدد من المحافظات، ورغم أنه يقطع خطوات يومًا بعد يوم، فإن ما ينجزه هذا البرنامج يبدو أنه لا يتناسب مع طموح دولة لديها محدودية فى ثروتها المائية مثلنا، وعندها فى المقابل حاجات متضاعفة للسكان الذين لا يتوقفون عن الزيادة.
وإذا كانت تجربة التبطين قد خضعت للمراجعة، فالسرعة التى يمشى بها برنامج تطبيق الرى الحديث فى حاجة إلى مراجعة مماثلة لأن الحاجات الغذائية المتزايدة لبلدنا لا يمكن الوفاء بها فى ظل الرى بالغمر، ولا حصتنا فى ماء النهر تحتمل البقاء فى رى الأرض بالطريقة نفسها التى كان يروى بها الفراعنة.