بقلم - سليمان جودة
هدد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بمحو أى دولة تقوم بهجوم نووى على بلاده، وقال الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إن خسائر بوتين البشرية فى حربه على أوكرانيا وصلت إلى ٩٤ ألف جندى.
وهذه مبالغة أوكرانية فيما يبدو، ولكن هذا لا ينفى أن الخسائر الروسية على هذا المستوى بالآلاف، وربما بعشرات الآلاف، لأن خسائر الأوكرانيين وحدهم وباعتراف زيلينسكى ١٣ ألفًا.. ولكن الخسائر فى الأفراد على الجانبين كوم، وما يتحدث عنه الرئيس الروسى فى موضوع محو دولة بكاملها كوم آخر.
وهو بالطبع يقصد أنه سيستخدم السلاح النووى، حتى ولو لم يذكر ذلك صراحةً، لأن محو دولة عن آخرها لا يمكن أن يكون بالسلاح التقليدى الذى نعرفه، ولكنه محو فى حاجة إلى سلاح من نوع السلاح الذى ضربت به الولايات المتحدة مدينة هيروشيما اليابانية فى الحرب العالمية الثانية فقتلت ١٤٠ ألفًا فى لحظات!
هؤلاء كانوا ضحايا قصف مدينة واحدة بالسلاح الذى يُلوّح به بوتين، وكانوا ضحايا جرة قلم قرر بها الرئيس الأمريكى هارى ترومان قصف هيروشيما.. وقد سقط مثلهم تقريبًا فى مدينة نجازاكى اليابانية أيضًا، والتى تعرضت للهجوم نفسه وبالسلاح ذاته!
فإذا كان الضحايا فى قصف مدينتين قد وصل عددهم إلى هذا الرقم، فكَمْ سيكون عدد الضحايا فى قصف دولة، لا قصف مدينة، ولا حتى قصف مدينتين؟!
إن مصير العالم، الذى بلغ عدد سكانه يوم ١٥ نوفمبر ٨ مليارات إنسان، يبدو فى أيدى أفراد لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، وليس بوتين سوى واحد من هؤلاء الأفراد القليلين.. وليست هذه هى المرة الأولى التى يواجه فيها العالم هذا المصير التعيس وبهذه الطريقة.. فمن قبل واجه مصيرًا مماثلًا، وكان ذلك فى الحرب العالمية الأولى مرة، وفى الحرب العالمية الثانية مرةً ثانية!
وفى كل المرات كان بوتين وأمثاله يتصورون أنهم يفعلون الصواب، وفى كل المرات أيضًا كانوا يمرون دون حساب على ما فعلوه فى شعوبهم أو فى العالم.. وقد رأينا كيف انتحر هتلر بعد أن دمر ألمانيا ودمر معها دولًا أخرى، ورأينا كيف انتهى موسولينى معلقًا من قدميه فى ميدان عام فى إيطاليا!.. فما العمل؟!.. العمل يتلخص فى كلمة واحدة هى الديمقراطية.. ديمقراطية الحكم هى العمل، وهى الحل، لا لشىء، إلا لأنها صمام أمان فى وجه مثل هذه المغامرات التى أرهقت العالم.. ديمقراطية الحكم هى صمام الأمان فى وجه كل مغامرة تهدد مصير العالم، أو تهدد مصير دولة من بين الدول.