بقلم - سليمان جودة
أراقب تطورات قصة الطفل شنودة منذ فترة، وما أكتبه عنها يستند بالأساس على فتوى رسمية أصدرها الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، وقد كانت فتوى الدكتور علام كفيلة بوضع حد لهذه القصة، التى صارت وكأنها كرة من الثلج تتضخم كلما تدحرجت.
والقصة أن أسرة مسيحية عثرت على الطفل فى حمام كنيسة فى الزاوية الحمراء، فأخذته وتبنته وأطلقت عليه اسمه الحالى. ولكنَّ خلافًا على الميراث داخل الأسرة ألقى بالطفل فى دار لرعاية الأيتام، ثم وصل الخلاف بموضوعه إلى قاعات المحاكم.
إننى لا أعرف أى طرف من أطراف الموضوع، ولا أتعرض لما يخص القضاء فيه أو يخص الميراث من قريب ولا من بعيد.. فليس هذا موضوعى فى هذه السطور.. ولكنى أتناول قصة الطفل المسكين من زاوية إنسانية مجردة، لأنى أتصوره الآن وحيدًا باكيًا حيث هو، بعد أن كان قد نشأ بين زوجين وجدا فيه تعويضًا ربانيًا لهما عن عدم الإنجاب، وبعد أن كان قد عاش معهما سنوات.. وأتصور حاله وقد راح يقال عنه مرة إن اسمه يوسف، ومرة ثانية يقال عنه فيها إن اسمه شنودة.
وعندما أقول إن قصته صارت تتدحرج مثل كرة الثلج فهذه حقيقة، لأن أطرافًا خارج البلاد بدأت تتلقفها، ثم راحت تعطيها أبعادًا دينية ليست فيها.. لقد جرى هذا بالفعل فى أوربا، ثم إن هناك مَنْ يفكر فى نقلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كانت القصة تتطور على مدى الأسابيع الماضية ولاتزال، بينما الإعلام يتعرض لها هنا على استحياء، وبينما هناك مَنْ يحاول توظيفها ضدنا خارج الحدود.
وعندما وصل الأمر إلى فضيلة المفتى فإنه استقبلها من واقع إحساس لديه بمسؤوليته الوطنية، ثم درسها على نحو ما تستحق من اهتمام، ولم يتردد فى حسمها دينيًا، فأصدر فتوى من صفحتين تتعرض لها من وجوهها المختلفة، وتقول بوضوح إن الطفل فى مثل هذه الحالة يحمل ديانة الأسرة التى عثرت عليه، وأن هذا هو رأى جمهور الفقهاء الذى لا خلاف عليه.
وبما أن الموضوع كذلك، فالقصة فى حاجة إلى تدخل عاقل وسريع يوقف هذا اللغط الخطر حولها، لأن بقاءها مفتوحة هكذا ليس من الصالح العام فى شىء، ولأن إغلاق ملفها استنادًا إلى ما يراه مفتى الجمهورية أمر واجب، ولأن بديل عدم إغلاقها هو أن تظل تتدحرج أكثر وأكثر، وبكل ما يمكن أن يترتب على تدحرجها خارجيًا بالذات من عواقب وتداعيات.
مثل هذه القضايا فى حاجة إلى يقظة سياسية، أكثر من حاجتها إلى أى شىء آخر، لأن اليقظة تقطع الطريق على كل الذين يوظفونها عن غرض.