بقلم : سليمان جودة
للدكتور محمد معيط، وزير المالية، رأى آخر فى تشبيه التفاحة والبرتقالة، الذى كنت قد ضربت به المثل قبل أيام، وأنا أتعرض فى هذا المكان لقضية الضريبة العقارية التى أثارت شجون الناس.. ولاتزال!
والفكرة أنى قلت إن المقارنة بين مصر، وبين الدول التى يؤدى مواطنوها هذه الضريبة، هى مقارنة غير موضوعية، لأن المواطن هناك يتلقى خدمات عامة ممتازة فى مقابل ضريبته، ولأن المواطن الذى يدفع الضريبة نفسها هنا، لا يتلقى خدمات عامة مماثلة فى مقابلها، وإذا تلقاها فمستواها فى العادة ليس آدمياً.. وبالذات خدمات التعليم، والصحة، والنظافة العامة!
فإدا أردنا أن نقارن رغم ذلك، فهى مقارنة بين تفاحة هناك.. وبين برتقالة هنا!.
وفى خطاب جاءنى منه يعترف الدكتور معيط، بأن الضريبة فى العموم لابد أن يكون لها عائد ملموس فى واقع المجتمع الذى يسددها، وبأن هذا هو ما تسعى الدولة حالياً إلى تحقيقه، ثم يسارع فيقول بأن المشروعات الكبيرة والخدمات العامة، التى تقدمها الحكومات المتعاقبة للمواطنين، إنما يجرى تمويلها فى الأساس من عائد الضريبة بكل أنواعها، وهو عائد يمثل ٧٠٪ من إيرادات الخزانة العامة!
ويقول إن الضريبة العقارية تعود إلى ١٨٨٠، عندما كان عائدها يصل إلى ٥،٢ مليون جنيه، وكانت الإيرادات العامة كلها تصل إلى ٨،٥ مليون، بما يعنى أنها كانت تمثل أكثر من نصف إيرادات خزانة الدولة، ولكنها تراجعت فيما بعد، وبقيت فى صورة عوايد لا يتجاوز عائدها ٢٣٠ مليوناً فى السنة، الأمر الذى لا يسعف الحكومة فى بذل الاهتمام الواجب بالأحياء، والمدن، والتجميل، والتشجير!
ومن مزايا قانون الضريبة الحالى، فى تقدير الوزير، أنه ينص على طريقة محددة لصيانة المبانى والعقارات، ويخصص خمسين فى المائة من الحصيلة لتطوير العشوائيات والمحليات بالمناصفة، ويعفى وحدات الإيجار القديم من دفعها، إلى حين الاتفاق على وضع جديد بين مُلاك هذه الوحدات السكنية ومستأجريها!.
انتهى مجمل خطاب الوزير، الذى أشكره عليه، وبقى أننا فى انتظار قانون جديد للضريبة العقارية، أو تعديل للقانون الحالى، حسب التوجيهات التى أعطاها الرئيس مؤخراً.. وفى الحالتين سوف يكون الرهان من جانب دافع الضريبة، هو على وضع كل الملاحظات التى أبداها المواطنون على الضريبة، وطريقة حسابها، وتحصيلها، فى الاعتبار، ثم سيكون الرهان على قدرة الوزير معيط، على إقناع الدولة بإنفاق مختلف للعائد.. إنفاق عادل يجعل النتيجة ملموسة حقاً، ويجعل المقارنة، عندئذ، بين تفاحة وتفاحة فعلاً.. لا بين برتقالة وتفاحة!.