بقلم : سليمان جودة
مضت أربعة أيام على استقالة عمرو المنير، نائب وزير المالية لشئون الضرائب، دون أن يقدم أحد فى الوزارة يعنيه الأمر، ولا فى الدولة، تفسيراً لاستقالة مفاجئة من موقع مهم!.
والذين طالعوا الخبر على الصفحة الأولى من «المصرى اليوم»، صباح الثلاثاء، لابد أنهم قد لاحظوا ثلاثة أشياء لا تفوت على قارئ.. ولا مُتابع!.
الأول أن المهندس شريف إسماعيل قرر قبول الاستقالة بمجرد وصولها إلى مكتبه!.. وكأن تقديمها كان مطلوباً.. وبسرعة!.
والثانى أن الدكتور عمرو الجارحى، وزير المالية، علّق عليها قائلاً إن صاحبها أدى مهمته على أكمل وجه.. وهو كلام جميل فى ظاهره، ولا شىء فيه طبعاً.. غير أن القارئ لما بين السطور، سوف يشعر بأن الوزير الجارحى وهو يعلق بهذه العبارة، كان يبارك الاستقالة ولسان حاله يقول: مع السلامة!.
والسؤال هو: لماذا؟!
والشىء الثالث أن زميلنا الأستاذ محسن عبدالرازق، الذى نقل الخبر لقارئى الجريدة، وصف وقع الاستقالة داخل أروقة الوزارة بأنه تراوح بين الصدمة والذهول!.
والسؤال هنا أيضاً هو: لماذا الصدمة.. ولماذا الذهول؟!.. وهل هناك علاقة بينهما وبين ما قيل، وما لايزال يقال، عن أن المنير كان يتبنى مشروعاً طموحاً للإصلاح الضريبى، وأنه واجه فيه عقبات كبرى، وأنه كان يشكو طول الوقت من أن صلاحياته كنائب وزير لم تكن فى يديه؟!.
لم يحدث من جانبى أن رأيت نائب الوزير المستقيل، من قبل، ولكنى سمعت من كثيرين أثق فى قدرتهم فى الحكم على الأشياء والرجال، أنه من القلائل فى الوزارة الذين يفهمون أبعاد المهمة، التى يؤدونها فى مواقعهم، فهماً عالياً، وأنه صاحب براعة ملحوظة فى فهم ملف الضرائب، وفى السعى نحو إصلاح عيوبه، وأنه يملك فى الملف أفكاراً ممتازة!.
وإذا أنت سألتنى عن الملف الأهم على مستوى المجموعة الاقتصادية فى الحكومة، بعد ملف الإنتاج، فسوف أقول لك وأنا مُغمض العينين، إنه ملف الضرائب.. ولكن أى ملف ضرائب؟!.. إنه الملف الذى نفترض فيه أنه انتهى من تحديد حجم الضرائب التى يتعين أن تدخل الخزانة العامة، ومكان كل جنيه منها، وطريقة تحصيله دون تهاون فى قرش واحد!.
وقد كان عمرو المنير يملك تصوراً لضرائبنا من هذا النوع، فغادر فجأة دون مقدمات!،
لماذا استقال الرجل؟!.. هذا سؤال حائر.. ومتى ندرك أننا بغير نظام ضريبى مُحكم، لن نستطيع الإنفاق على الخدمات العامة للمواطنين، خصوصاً التعليم والصحة، كما يجب، ولن نصل بالتالى إلى شىء؟!.. هذا سؤال حائر آخر.. وإذا كان هناك مَنْ يعرف جوابهما فإن ثوابه عند الله!.
نقلًا عن المصري اليوم القاهرية