بقلم-سليمان جودة
مرةً أخرى، يتعمد الرئيس البرازيلى الجديد جايير بولسونارو إثارة الكثير من الصخب من حوله، عندما يقرر ترشيح برازيلى من أصل كولومبى وزيراً للتعليم فى حكومته الجديدة المرتقبة.. وقد كانت المرة الأولى التى أثار فيها بولسونارو الصخب فى كل اتجاه هى التى أعلن فيها بمجرد فوزه فى سباق الرئاسة، قبل أسابيع، رغبته فى نقل سفارة بلاده فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس!.
ولكنه تراجع قليلاً عن هذه الرغبة أمام ضغوط دولية وعربية كثيرة، من بينها ضغط مصرى تمثل فى تأجيل زيارة لوزير الخارجية البرازيلى كانت مقررة إلى القاهرة!.
الوزير المرشح اسمه فيليز رودريجيز، وهو قد أصدر أكثر من كتاب حتى وصلت مؤلفاته إلى أكثر من عشرين كتاباً فى الأسواق، وكان قد حصل على الجنسية البرازيلية عام ١٩٩٧!.
ومنذ فاز بولسونارو فى السباق الرئاسى، أو بالأدق منذ كان مرشحاً رئاسياً، وهو يعلن أن لديه مشروعاً لتطوير التعليم فى بلاده، يقوم على أساس أن تكون الغلبة فى تعليم مدارس الحكومة للقيم العائلية.. وهو كما ترى مشروع تطوير براق، وسوف يحظى بالقطع بمساندة من قطاعات كبيرة فى البرازيل، التى تظل أكبر بلاد أمريكا الجنوبية مساحةً وسكاناً!.
إلى هنا لا شىء يبدو غريباً.. فالغريب حقاً أن معلومات متناثرة كانت قد رشحت رجلاً آخر اسمه موزار نيفيس لوزارة التعليم نفسها، ولكن الرئيس فيما يظهر قد تراجع عن تعيينه فى اللحظات الأخيرة، لأن ضجةً قد أثيرت من حوله، ولأن الضجة كان مصدرها حركة سياسية فى البلد اسمها المنصة الإنجيلية!.
هذه الحركة السياسية كانت هى التى وقفت وراء الرئيس الجديد إلى أن فاز، وبالتالى فكلمتها لابد أن تكون مسموعة لدى بولسونارو الذى سوف يتسلم الحكم فى يناير!.
وقد كان وجه اعتراضها على موزار، ليس أنه غير قادر على تنفيذ مشروع الرئيس لتطوير التعليم، مثلاً، ولا لأن أفكاره متشددة على سبيل المثال، ولا لأنه لا يملك خبرة فى الملف المرشح له وزيراً، ولا شىء من هذا أبداً، ولكن لأنه معتدل!!.. ولأن اعتداله يثير استياء الإنجيليين الأعضاء فى حركة المنصة السياسية!!.
وهى تهمة ليست غريبة على كل حال، فالرئيس الجديد متطرف الأفكار أصلاً، ويكفى أنه شديد الإعجاب بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأنه دعا إلى الانسحاب من اتفاق المناخ الذى جرى توقيعه فى باريس، كما فعل ترامب الذى أعلن انسحاب بلاده فعلاً، ولم تكن رغبة بولسونارو فى نقل سفارة بلاده إلى القدس إلا جرياً على ما فعل ترامب أيضاً قبل ستة أشهر.. ولكن هذا كله لا يجب أن يمنعنا، ولا أن يمنع العالم من تشجيع الاعتدال، ولا من الوقوف معه فى صف واحد!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع