بقلم-سليمان جودة
اليوم سوف تنتهى أعمال القمة العربية الأوروبية الأولى فى شرم، وسوف تكون أهميتها أنها الأولى من نوعها فى المنطقة، كما أنها الأولى على مستواها، وسوف يعود الطرف العربى بعدها إلى قواعده، وكذلك الطرف الأوروبى، بينما لدى كل طرف منهما هاجس محدد يقلقه!.
أما هاجس الطرف العربى فهو الإرهاب الذى يضرب الأوطان لصالح الجماعات، ويعربد فى أرجاء منطقتنا، كما لم تعربد فيها ظاهرة طارئة من قبل، ويجد داعمين له فى الإقليم على اتساعه وخارج الإقليم أيضاً، وليست ليبيا فى هذا الإطار سوى أقوى دليل.. فالجيش الوطنى فيها يواجه ميليشيات العنف بصدور عارية، ولا يحظى بدعم المجتمع الدولى، الذى لا يتوقف فى الوقت نفسه عن الحديث عن الإرهاب، وعن خطورته، وعن ضرورات مطاردته حتى القضاء عليه!.
وأما هاجس الطرف الأوروبى فهو الهجرة غير الشرعية التى تتحول هى الأخرى إلى ظاهرة، وتندفع نحو أوروبا تحت وطأة عمليات الإرهاب، وبالتالى، فالظاهرتان مرتبطتان ببعضهما البعض، وليس أمام الطرف الأوروبى الحاضر فى القمة، إلا أن يؤمن بأن له دوراً مساعداً فى محاصرة أعمال العنف فى المنطقة، وتجفيف المنابع التى تغذيها وتمدها بأسباب الحياة!.
وبما أن القمة سوف تكون دورية، وبما أن دورتها المقبلة ستكون بعد ثلاث سنوات فى العاصمة البلجيكية بروكسل، فالمتصور أن تنعقد دورتها القادمة لتقول، بالرقم والمعلومة، إن هناك جديداً فى مواجهة الظاهرتين، وأن إرهاب ٢٠١٩ الآن فى المنطقة العربية، ليس هو إرهاب ٢٠٢٢ وقت الدورة الثانية، وأن ذلك قد خفف من موجات الهجرة غير الشرعية على نحو تراه العين المجردة!.
ولن يحدث ذلك إلا إذا كانت قضايا التنمية، والاستثمار، وإتاحة فرص العمل للشباب، محل اهتمام حقيقى.. لا محل كلام!.
ولو أن القمة عملت فى هذا الاتجاه بالطريقة التى يعمل بها الاتحاد من أجل المتوسط، من مقره فى برشلونة الإسبانية، فسوف يتحول البحر المتوسط من فجوة تمتد لتفصل الطرفين، إلى جسر من التواصل، ومن التعاون، ومن بث إشارات الأمل!.
فالاتحاد له طرفان يتمتعان بعضويته، والطرفان عربى وأوروبى أيضاً، وعندما عقد اجتماعاته صيف العام الماضى كشف عن أعمال قام بها على الأرض ولايزال، وكان من بين هذه الأعمال أنه أشرف على إنشاء جامعتين متخصصتين، إحداهما فى مدينة فاس المغربية، والثانية فى سلوفينيا فى أوروبا، وأنه أسس محطة كبرى لتحلية المياه فى غزة توفر الماء لمليونين من البشر!.
هذه أعمال ثلاثة تفتح أكثر من طريق إلى العمل على جانبى البحر، وليس أقدر من العمل على بعث الأمل فى نفوس الناس!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع