بقلم-سليمان جودة
فى سيرته الذاتية روى الدكتور، سيد عويس، أنه لما ذهب يدرس فى بريطانيا، رأى طفلة فى الخامسة من عمرها ترتدى نظارة تساعدها على الرؤية، فطاف فى ذهنه على الفور، كيف أن ابنه الأكبر ظل يعانى سنوات من ضعف البصر دون أن تنتبه الأسرة، إلى أن وصل إلى مرحلة التعليم الجامعى، فطلبت الجامعة إجراء كشف على عينيه لعلاج ضعف النظر!
وكان المعنى أن الدكتور عويس تمنى فى مذكراته لو أن كل أسرة فى بلده، ثم الدولة من وراء الأسرة.. وربما قبلها.. قد انتبهت إلى رعاية بصر الأطفال منذ الصغر، لأن ما يتكلف جنيهاً فى هذه السن، يمكن أن يتكلف ألفاً فى سن أخرى متقدمة!. هذا تقريباً ما تريده المبادرة التى أطلقها الرئيس فى العاصمة الإدارية قبل ثلاثة أيام، ويدعمها صندوق تحيا مصر تحت شعار يقول: نور حياة.
ومن قبل كانت هناك مبادرة شجاعة رعتها وزارة التضامن الاجتماعى، وكان شعارها «عنيك فى عنينا» وكانت تستقبل عشرات الآلاف من مرضى العيون!. ولكن المبادرة الجديدة التى يدعمها الصندوق بمليار جنيه تريد البناء فوق مبادرة التضامن على نحو أشمل.
وحين تصفحت الكتاب الذى أعده الصندوق عن نشاطه المتعدد، ثم استمعت إلى كلمة ألقتها الدكتورة سحر نصر، رئيس اللجنة التنفيذية للصندوق فى قاعة احتفال إطلاق المبادرة، استوقفتنى مادة فى الدستور ذكرها الكتاب باعتبارها الإطار الحاكم لمبادرته الجديدة.. المادة هى رقم ٧٨ من الدستور وتقول: تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم، والماء النظيف، والغذاء الصحى!
مبادرة نور حياة سوف تقدم علاجاً لعيون ٢ مليون مواطن من الحالات الأولى بالرعاية، وسوف يتم فى أول فبراير فحص عيون جميع تلاميذ الابتدائى فى مدى زمنى ثلاث سنوات، وسوف تقدم مليون نظارة لمليون تلميذ، وسوف لا يخرج طفل إلى المرحلة الإعدادية، إلا وقد اطمأن على عينيه!
هذا جهد شجاع يستحق الإشارة إليه، ولكن يبقى شيئان أولهما أن يجهز الصندوق فى حفلته القادمة لتكريم كبار متبرعيه، على سبيل تشجيع الآخرين، وهو ما جرى الإعلان عنه صباح السبت، ثم لم يشهده حفل المساء لأسباب غير واضحة.. والثانى أن تبذل وزارة الصحة جهداً وقائياً موازياً، يحاصر المنبع الذى ينتج أمراض العيون.. فالعلاج المبكر الذى تريده المبادرة يقتضى وقاية مبكرة تعمل معه وتوازيه!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع