توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جاءت وفي جيبها مليار يورو

  مصر اليوم -

جاءت وفي جيبها مليار يورو

بقلم - سليمان جودة

جاءت رئيسة المفوضية الأوروبية تزور لبنان، ومعها الرئيس القبرصي، وما إن عادا إلى أوروبا حتى تحولت زيارتهما إلى قضية في بيروت، ومع الوقت أصبحت القضية أقرب ما تكون إلى كرة الثلج، التي تكبر كلما تدحرجت، والتي تتضخم وتزداد تضخماً كلما مرّ عليها الوقت، وتفاعلت فيما حولها.

 

والقضية هي الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت هاجساً لا يفارق الأوروبيين في يقظة ولا في منام، والتي جعلتهم ينتفضون لوضع حد لها عند الشاطئ الجنوبي من البحر المتوسط.

وهذا الشاطئ يمتد من جبال أطلس على أرض المغرب في أقصى الغرب إلى سوريا وتركيا في شرق البحر، وفيما بين الغرب والشرق يطول الشاطئ، ويمتد ويمر بدول كثيرة، ويختلف طوله في دولة عن الأخرى بالطبع، وربما تكون ليبيا هي صاحبة أطول الشواطئ، لأن نصيبها منه يصل إلى 2000 كيلو متر تقريباً.

ولأن دول شمال البحر معروفة بالرواج الاقتصادي على أرضها، ولأن دول جنوب البحر ليست كذلك في الأغلبية منها، فلقد كان من الطبيعي أن يكون البحر جسراً يحمل المتطلعين إلى الحياة، حيث ذلك الرواج في أوروبا.

ولا ننسى أن دول جنوب البحر في أفريقيا كلها دول عربية، ولكن الخلفية وراءها وصولاً إلى المحيط الهندي دول أفريقية غير عربية باستثناء موريتانيا والسودان، وهذه الدول الأفريقية ليست كلها سواء من حيث مستواها الاقتصادي، وفي عدد كثير منها تضيق فرص الحياة إلى الحد الطارد للشباب، وغير الشباب.

ولا يمكن للذين تضيق بهم الحياة في تلك الدول أن يصلوا إلى القارة العجوز في شمال البحر، إلا مروراً بجنوبه، وإلا من خلال شواطئ الدول العربية المطلة عليه، وهذا ما جعل عيون أوروبا تنفتح عن آخرها على هذا الشاطئ بالذات.

ورغم أن لبنان ليست في أفريقيا، ورغم أن هؤلاء الذين تطردهم فرص الحياة الضيقة في القارة السمراء لا يصلون إليها إلا في أقل القليل، إلا أن جوار لبنان المباشر مع سوريا جعل أعداداً كبيرة من السوريين يلجأون إليه، ويتخذونه ممراً أكثر منه مقراً.

ولأن قبرص أقرب دول أوروبا إلى لبنان، ولأن المسافة بينهما لا تتجاوز 180 كيلو متراً، فإن الأراضي القبرصية صارت هدفاً لكل لاجئ سوري أو غير سوري إلى لبنان، ومع الوقت أصبحت حلماً، ولم تعد مجرد هدف.

ولأن ما يسمى بالربيع العربي قد هاجم سوريا فيما هاجم من دول المنطقة في 2011 وما بعدها، ولأن بقاياه لا تزال قائمة تناوش وتتحرش، فإن الهاربين من سوريا من جحيم «الربيع» كانوا بالملايين، وكانت لبنان هي الأقرب لهم دائماً، وهؤلاء لا يقصدون قبرص في حد ذاتها عندما يقصدونها انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، ولكنهم يتخذونها ممراً إلى أوروبا الواسعة، ولا يفكرون فيها مقراً، وهذا ما يفعلونه بالضبط مع لبنان أيضاً إذا وصلوا أرضها ابتداء في أول الرحلة.

كل ذلك جعل الاتحاد الأوروبي يشعر بقلق شديد، ثم جعله يتخذ من الخطوات ما يرى أنه يحمي نفسه بها، وليست زيارة رئيسة مفوضيته إلى لبنان ومعها رئيس قبرص يداً بيد سوى خطوة من بين خطوات يتخذها كل يوم.

وقد جاءت رئيسة المفوضية وفي جيبها مليار يورو تعرضه على الحكومة في بيروت، وفي مقابل هذا المبلغ الذي سيجري دفعه بدءاً من هذه السنة إلى 2027 جلست رئيسة المفوضية، ومعها الرئيس القبرصي مع نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، وكان لهما طلب وحيد هو ضبط الهجرات غير الشرعية إلى الشواطئ القبرصية.

أما المعارضة في لبنان فلم تشأ أن تفوّت الفرصة، وانطلقت تتهم الحكومة بأنها تتقاضى رشوة من أوروبا في سبيل حراسة الشواطئ اللبنانية، فلا يتفلت منها أحد من المهاجرين، ولكن دولة الرئيس ميقاتي ضاق بالاتهام كثيراً، وساءه أن يقال عن حكومته إنها تحصل على رشوة أوروبية، فقام ينفي الاتهام عن حكومته ويدفعه، وقال إن ما عرضه الزائران الأوروبيان هبة غير مشروطة، وأنهما لم يعرضا رشوة «ولا يحزنون».

ولا يزال الهجوم سجالاً بين الطرفين في لبنان، وليس من الظاهر أنه سيهدأ في القريب، فالهجرة إلى لبنان لا تتوقف، والتطلع نحو أوروبا بين المهاجرين لا سقف له، والأوروبيون عازمون على وقف هذا التطلع عند حده بأي طريقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جاءت وفي جيبها مليار يورو جاءت وفي جيبها مليار يورو



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon