بقلم-سليمان جودة
أحترم الآراء التى ترى فى قرض صندوق النقد الدولى ميزة اقتصادية لنا، ولكنى أدعو فى ذات الوقت إلى الاستعداد جيداً للعمل فى مرحلة ما بعد القرض، وفق شىء مختلف تماماً!.. هذا الشىء هو ما كان الرئيس قد دعا إليه قبل خمس سنوات من الآن، وهو يتهيأ لخوض سباق الرئاسة للمرة الأولى!
لقد وافق الصندوق مساء الإثنين الماضى على الشريحة قبل الأخيرة من قرض قيمته 12 مليار دولار، كنا قد اتفقنا عليه فى 2016، وكان الاتفاق أن تكون شرائحه الست موزعة على ثلاث سنوات.. وإذا كانت قيمة الشريحة التى وافق عليها مؤخراً هى 2 مليار دولار، فالشريحة الأخيرة سوف تكون خلال هذا العام، وسوف تكون بالقيمة نفسها، وعندها سيكون القرض قد اكتمل، وسيكون برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى بدأ معه بالتوازى، قد اكتمل هو الآخر أو كاد يكتمل، وسنكون فى مرحلة البناء على شرائح القرض كلها!
وليس سراً أن الشريحة التى وافق عليها الصندوق، هذا الأسبوع، كان موعدها فى الأصل قد حان فى أول ديسمبر الماضى، لولا أنه عندما اجتمع وقتها لإقرارها، قرر تأجيل موافقته عليها لأسباب لم يعلن عنها، الأمر الذى أطلق الكثير من التخمينات حول حقيقة الأسباب!
وفى كل الأحوال، فالتصريحات التى خرجت عن مسؤولين مختصين فى الدولة أشارت إلى أنه ليس من الوارد أن نطلب قرضاً جديداً، بعد اكتمال الحصول على هذا القرض، وأن العلاقة مع الصندوق ستبقى بالطبع فى المستقبل، ولكن فى حدود القضايا ذات الطابع الفنى!
والثابت أن قرضاً من الصندوق هو فى حد ذاته شهادة منه على أن اقتصادنا قابل للإصلاح فى مساره، وقادر على التطوير فى أدواته وهياكله.. هكذا يبدو فى نظر الذين يجدون فيه ميزة أو أكثر.. ولكن القرض ذاته أيضاً يظل فى الوقت نفسه ديوناً واجبة الدفع فى مواعيد الوفاء بها، وهذا ما يجب ألا ننساه، ولا أن يغيب عن خاطرنا.. إن كل قرض هو هكذا فى حقيقته، مهما قيل عن مزاياه التى يمكن النقاش حولها، ومهما قيل عن تسهيلاته المعلنة، ومهما قيل عن معدل فوائده المنخفضة، قياساً على قروض أخرى ذات فوائد عالية!
ولهذا السبب، فإننى كثيراً ما أعود إلى الكلمة التى كان الرئيس قد ألقاها فى مارس 2014، مؤكداً فيها من جانبه، بشكل صريح، أنه سوف يعمل على ألا يعتمد اقتصاد البلد على المنح، أو المساعدات، أو القروض.. وقد كانت عبارة بهذه الصياغة تمثل فى حينها مبدأً من مبادئ سياسة اقتصادية سوف تكون مُتَّبعة فيما بعد على المدى الطويل!
وإذا كانت الضرورة الاقتصادية قد قضت بالحصول على قرض الصندوق، فالمُتصوَّر ألا تغيب العبارة المشار إليها عن صانع القرار فى مستقبل الأيام، وأن تظل هى القاعدة، بينما القرض هو الاستثناء!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع