بقلم-سليمان جودة
هذا كتاب صدر فى توقيته الصحيح حقاً.. أما الكتاب الصادر عن دار الجمهورية للصحافة فهو «مانديلا الجنوب» للزميلة الأستاذة سالى عاطف، رئيس تحرير جريدة الصباح.. وأما لماذا جاء فى توقيته فلأنه يستعرض من الغلاف إلى الغلاف مسيرة الحياة التى عاشها الدكتور جون قرنق، فى جنوب السودان، من أول ولادته ١٩٤٥ فى قبيلة الدينكا، كبرى قبائل الجنوب، إلى يوم مصرعه فى حادث طائرة كانت قادمة عام ٢٠٠٥ من أوغندا إلى حيث تعيش القبيلة!.
مرجع التوقيت الصحيح فيه أن هذا فى مصر هو عام أفريقيا بامتياز، ففى أول فبراير سوف نتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى، وأسوان فى هذه السنة هى عاصمة شباب أفريقيا بتوجيه رئاسى، ومحمد صلاح هو بطل أفريقيا، كما أن بطولة كأس أفريقيا سوف تكون على أرضنا، وقبل شهرين كانت شرم الشيخ تشهد مؤتمراً للاستثمار فى القارة كلها كان شعاره: أفريقيا ٢٠١٨!.
وهذا بعض من كل، ولابد أنه فى النهاية يجعل من القارة السمراء، ومن شؤونها، ومن أمورها العامة، حديثاً متصلاً بين الناس!.
وقبل أيام كان سلفا كير ميارديت، رئيس جنوب السودان، ضيفاً على القاهرة، وكان الرئيس يستقبله، وكان التعاون بيننا وبين العاصمة جوبا على مستويات كثيرة!.
ومن المفارقات فى حياة قرنق أنه لما كان ضابطاً فى الجيش النظامى فى الخرطوم، أرسله الرئيس جعفر نميرى ليتولى تأديب كتيبة كانت قد تمردت فى جنوب البلاد، وما كاد يصل إلى هناك حتى كان قد انضم إلى الكتيبة، ثم إلى أبناء الجنوب فى العموم، وراح يتبنى مطالبهم بعد أن اقتنع بها، وبعد أن وجدها معقولة، وبعد أن أغضبه أن يكون المواطن الجنوبى مواطناً من الدرجة الثانية!.. فالواجب أن المواطنين كلهم سواء، أياً كان مكان المواطن فى الدولة، وأياً كان موقعه!.
هذه مفارقة أولى فى حياته.. أما الثانية فهى أنه لم يكن يطالب بانفصال الجنوب فى السودان عن الشمال، كما حدث بعد مصرعه.. فلقد عاش يدعو إلى سودان موحد.. سودان قوى وجديد.. سودان يجمعه تنوعه ولا يفرق بين شماله وجنوبه.. سودان يرى فى التنوع على أرضه بين البشر، سبباً للثراء والغنى على كل مستوى، لا أساساً للتفرفة وانفصال الجنوب عن الشمال!.
وقد كانت هذه هى قناعته فى أثناء توقيع اتفاق نيفاشا ٢٠٠٥ الذى أعطى الجنوبيين ست سنوات يجرى بعدها الاستفتاء بينهم على تقرير مصيرهم، وعندما جرى الاستفتاء فى ٢٠١١ اختاروا الانفصال، ولكن هذا حصل بعد أن كان الرجل الداعى إلى السودان الموحد قد لقى مصرعه فى حادث الطائرة!.
وظنى أن دعوته هى تحديداً سبب مصرعه.. فالسودان الموحد القوى لم يكن على هوى أطراف عديدة فى المنطقة وخارجها.. أطراف لا تريده قوياً ولا موحداً!.. ولذلك أدعوك إلى قراءة الكتاب!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع