بقلم - سليمان جودة
بالإعلان عن حصول أستاذة الاقتصاد الأمريكية كلوديا جولدين على نوبل فى الاقتصاد لهذه السنة، تكون الجائزة قد انتهت من فروعها الستة فى الطب، والفيزياء، والكيمياء، والأدب، والسلام، ثم فى الاقتصاد الذى تأخرت جائزته قليلا عن جوائز الفروع الخمسة الأخرى.
وتعمل كلوديا أستاذة للاقتصاد فى جامعة هارڤارد الأمريكية، التى لاتزال بين جامعات الدنيا مثل عصا موسى.. ورغم أن حياة هذه الأستاذة مليئة بالجوائز، إلا أن نوبل تظل التكريم الذى لا يعلوه تكريم بالنسبة لكل فائز فى كل فرع.. لكن فائزة الاقتصاد تبدو كأنها امرأة بثلاثة رجال، لأن نوبل فى الاقتصاد ذهبت فى السنة الماضية إلى ثلاثة من أساتذة الاقتصاد الأمريكيين مجتمعين.
وقد عاشت مشغولة طول الوقت بوضع المرأة والرجل فى مجال العمل، وعاشت تعتقد أن هناك فروقا بين الجنسين فى معدل التوظيف وفى الدخل، وكانت تبحث عن تفسير يشرح ما تعتقده، وفى سبيل الفهم راحت تمسح ٢٠٠ سنة من تاريخ العمل فى بلادها، وwراحت تبحث، وهى تمسح كل هذه السنين، عن سبب التفاوت على المستويين: الدخل والتوظيف.
أما الأكاديمية الملكية السويدية التى تمنح نوبل فقد علقت على فوز أستاذة هارڤارد بكلمات قليلة، ومما قالته وهى تعلق على فوزها أنها ساعدت على فهم القضية التى تصدت لها بشكل كبير، وأن هذه القضية سوف تكون فى المستقبل غيرها اليوم، وأن الفضل سوف يكون لكلوديا جولدين.
وبصرف النظر عما سوف تكون عليه هذه القضية فى المستقبل، فإن كلوديا قدمت لنا درسا مهما من جديد، وهذا الدرس هو أنك لا تستطيع تحقيق اختراق فى أى قضية ما لم تفهمها أولا.. وما بعد فهمها مقدور عليه.
فى الطب والفيزياء والكيمياء يصل الفائزون فى كل سنة إلى الجديد، ويضيفون لهذه العلوم الثلاثة ما لم يكن موجودا من قبل، ولكن فى علم مثل علم الاقتصاد لا تكون الإضافة الجديدة هى الهدف بقدر ما يكون الفهم للظواهر ذات الصلة هو الغاية، وهذا ما كانت الأستاذة الأمريكية تعمل عليه وهى تمسح قرنين من الزمان.
ومن شأن الفهم الذى شغلها وحققته أن يكون له أثره فى السنوات المقبلة، وسوف يذهب أثره أول ما يذهب إلى سوق العمل.. ومن الطبيعى أنها تقصد سوق العمل عندهم وعندنا وفى كل بلد وليس فى بلادها وحدها.