توقيت القاهرة المحلي 07:39:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الميري» الذي فات «النهضة» في تونس!

  مصر اليوم -

«الميري» الذي فات «النهضة» في تونس

بقلم :سليمان جودة

ما كادت حركة «النهضة» الإسلامية تعلن تأييد المرشح الرئاسي قيس سعيد، في الجولة الثانية من السباق إلى قصر قرطاج، حتى تباينت الآراء وانقسمت حول غرض الحركة من وراء هذه الخطوة. وكان من بين الآراء رأي يرى في الخطوة قفزاً فوق خيار الناخب التونسي!
ولست مع هذا الرأي لأسباب كثيرة، منها أن «النهضة» ترى لنفسها حصة في المجتمع التونسي، بالمعنى السياسي لكلمة حصة، ومنها أنها تريد تعظيم هذه الحصة في جولة الإعادة، إذا كان قد فاتها أن تعظّم منها في الجولة الأولى، ومنها أن اللعبة هنا لعبة سياسية بالأساس، ولا علاقة لها بالدين، ولا بالأخلاق، ولا بمقاصد الدين العليا التي ربما تكون حاضرة في عقل كل مَنْ رأى في تأييدها المرشح سعيد قفزاً فوق خيارات شعب، أو محاولة للسطو على اختيارات ناخب!
ومن الجائز في قواعد اللعبة السياسية، أن تسعى حركة «النهضة» إلى سلوك من هذا النوع، وأن ترمي أصواتها في الكفة التي تبدو رابحة في ظنها!
بل إن هناك مَنْ سوف يرى في قرار تأييد سعيد في جولة الختام، شيئاً يمكن حسابه في رصيد الحركة، أكثر مما يمكن حسابه عليها؛ لأنها كانت قادرة على تأييده سراً، كما حدث من جانبها مع المنصف المرزوقي، عندما أيدته سراً في معركته الرئاسية التي فاز فيها في السابق، وقد كان ذلك من خلال تعميم داخلي على أعضائها، دون إعلان شيء على الناس!
وعندما فاز المنصف وصار رئيساً، فإن ذلك كان راجعاً في جزء كبير منه، إلى أصوات حركة الشيخ راشد الغنوشي، ولولا أصواتها ما فاز الرجل وما دخل قصر الرئاسة!
ولهذا السبب يظل التأييد الممنوح لها علناً إلى سعيد، من قبيل الممارسة السياسية الشفافة، في نظر الذين يميلون إلى حُسن الظن في هذا المقام!
غير أن الغريب حقاً أنها لم تعترف بتأييد المرزوقي وقتها، ولا الآن، ولا في أي وقت، وأنه هو الذي اعترف بذلك في حوار صحافي جرى معه مؤخراً!
ولا بد من أن على الذين يرون في عدم قدرة مرشحها الشيخ عبد الفتاح مورو، على الوصول إلى الجولة الثانية، عقاباً من الناخب التونسي، أن يراجعوا أنفسهم في هذه المسألة، لا لشيء، إلا لأن كل ما حدث أن الناخب وجد أمامه أكثر من مرشح، فاختار أنسبهم في تقديره، دون أن يكون في حسابه أن يكافئ هذا المرشح، أو يعاقب ذاك المرشح. كما أن الحديث عن تصويت عقابي في حق حركة «النهضة»، من شأنه أن يعطيها حجماً سياسياً في مجتمعها أكبر من حجمها الطبيعي!
لقد جاء مرشحها في الترتيب الثالث بعد قيس سعيد، أستاذ القانون، وبعد نبيل القروي قطب الإعلام والأعمال. وحاز مورو نسبة من الأصوات تزيد على عشرة في المائة من كتلة الأصوات كلها بقليل، وهي نسبة تشير إلى أن الحركة ستكون مستطيعة بغيرها، إذا رغبت في حيازة الأغلبية في أي انتخابات مقبلة، وأنها لن تكون مستطيعة بنفسها!
ولا فارق بينها في هذه النقطة الأساسية، وبين الجماعة الحوثية في اليمن، ولا حتى بينها وبين جماعة «الإخوان» الأم في القاهرة. فالنسبة التي حصلت عليها الجماعة «الإخوانية» الأم في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في عام 2012، هي تقريباً النسبة التي حصل عليها مرشح «النهضة» في هذه الجولة الأولى من سباق الرئاسة في تونس، وهي تقريباً أيضاً النسبة التي ستحصل عليها جماعة الحوثي لو خاضت أي سباق انتخابي رئاسي أو غير رئاسي في اليمن!
ويبقى المعنى أنه ليس لجماعة الحوثي أن تزعم حقها في حكم اليمن، ولا في السيطرة على مقدرات البلاد، وهي إذا كانت تفعل شيئاً من هذا القبيل هذه الأيام، أو تحاوله، فهي تفعله مستطيعة بغيرها الذي هو حكم الملالي في طهران!
ولو أن حكومة المرشد في إيران أنصفت نفسها، وأنصفت الشعب اليمني معها، لأدركت أن لعبتها في الأراضي اليمنية لعبة خاسرة، وأنها لن تكسبها مهما طال بها اللعب هناك؛ لأن الشعب في عمومه يظل أكبر من مجرد جماعة سياسية من جماعاته، ولأنه لن يرضى بحكم جماعة هي مجرد فصيل في ملعبه السياسي، ولأنه شعب صاحب حضارة قادرة على إسعافه وقت الجد في هذا الطريق!
لكن، منذ متى كانت حكومة المرشد التي لا تزال تعيش حالة من المراهقة السياسية، قادرة على إنصاف نفسها في العاصمة الإيرانية، أو على إنصاف غيرها في العاصمة اليمنية؟!
غير أن جماعة «النهضة» لا تزال تثبت أنها قادرة على اللعب السياسي المتوازن إلى حد بعيد، وقد دللت على ذلك عندما أخذت خطوات إلى الوراء في مواجهة الموجة الأولى من الربيع العربي، وعندما انحنت لعاصفته التي هبت قوية على أكثر من بلد عربي، وعندما أخذت العبرة والدرس بعض الشيء من سقوط الجماعة الأم في القاهرة، وعندما راهنت مبكراً على البرلمان في تونس، فرشحت رئيسها الشيخ الغنوشي على مقعد من مقاعده، أملاً في أن يرأس السلطة التشريعية إذا فاز بالمقعد، ثم رشحت نائب رئيسها على مقعد الرئاسة، لتكون حاضرة في المعركة إذا فاتها أن تكون فائزة!
وقد كانت تتصرف على هذا النحو مدفوعة بعقلية عملية تقيس الأمور بنتائجها، وكانت ترشح نائب رئيسها هنا، ورئيسها هناك، وهي تعلم تماماً أن سلطات البرلمان في تونس حسب الدستور القائم، أقوى من سلطات الرئيس، وكلنا يذكر - لا بد - جيداً، أصداء المعركة التي قامت قبل شهور في البلاد حول جانب من هذه المسألة، بين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وبين رئيس وزرائه يوسف الشاهد، وقد بلغ غضب السبسي وقتها حداً قال معه إنه ليس «بوسطجياً» في القصر يتلقى الخطابات ويحملها إلى أصحابها!
فـ«النهضة» كانت تعرف ماذا تفعل، وهي تنافس على القصر دون أمل كبير في دخوله، وكان تعرف ماذا تصنع وهي تنافس على البرلمان، مع أمل كبير في أن تكون صاحبة كلمة حاكمة فيه، وكانت تعرف ماذا تعلن وهي تصرح بتأييد قيس سعيد، وكانت في هذه الحالة الثالثة تتحرك وفق مثل مصري شعبي، ينصح المواطن بأن يتمرغ في تراب «الميري»، إذا فاته أن يدرك «الميري» ذاته!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الميري» الذي فات «النهضة» في تونس «الميري» الذي فات «النهضة» في تونس



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon