بقلم-سليمان جودة
من قبيل الاستخفاف بالعقول أن يقول خالد اليمانى، وزير الخارجية اليمنى، إن جلوسه إلى جوار بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، فى المؤتمر الدولى الذى انعقد فى العاصمة البولندية وارسو مؤخراً، كان خطأً بروتوكولياً!.. فمعنى كلام الوزير «اليمانى» أنه يرفض ما جرى!.. وقد كان فى إمكانه التعبير عن رفضه بطريقتين اثنتين، إحداهما أن يطلب من المسؤول عن البروتوكول تغيير مكان جلوسه، والثانية ألا يجلس فى المكان الخطأ من الأصل، فيكون التعبير عن الموقف أقوى!.
وليس معنى هذا أنى ضد جلوسه إلى جوار نتنياهو فى المطلق، هو وسواه من المسؤولين العرب الذين حضروا نفس المؤتمر، والتقوا مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، أو تواصلوا مع بلاده بطريقة أو بأخرى.. فكل ما هو مطلوب منهم ومن غيرهم ألا يكون الجلوس مجانياً، وأن يكون له ثمن تدفعه إسرائيل!.
إن وزير خارجية سلطنة عُمان على سبيل المثال التقى مع رئيس وزراء إسرائيل فى ذات المناسبة، ولكنه لم يشأ أن يخفى اللقاء، وإنما أعلنه ودافع عنه، على اعتبار أن لقاءهما كان امتداداً للزيارة التى كان نتنياهو قد قام بها إلى السلطنة فى أكتوبر الماضى.. ولا تزال سلطنة عُمان تتبنى وجهة نظر خاصة فى الموضوع كله، وتدافع عنها، وهى وجهة نظر تُحترم!.
وإذا كان الأمير تركى الفيصل، رئيس المخابرات السعودية السابق، قد أدلى بحديث إلى قناة تليفزيونية إسرائيلية، فهو قد جعل من الحديث فرصة لمخاطبة الناخب الإسرائيلى عن أن القضية الفلسطينية لها حل يعرفه نتنياهو، الذى يحاول تضليل ناخبيه!.. كما أن الرياض لها موقف واضح إزاء القضية، وعندما استقبل الملك سلمان الرئيس الفلسطينى عباس، قبل أسبوع، فإنه جدد الإعلان عن موقف بلاده، فقال إن السعودية تدعم قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس!.
وإذا كان مسؤولون عرب كثيرون يتسابقون هذه الأيام على فعل ما كانوا قد أخذوه على الرئيس السادات، عندما زار القدس عام 1977، فالأمل أن يتذكروا أن السادات لم يجلس وقتها مع الإسرائيليين بالمجان، ولكنه أرغمهم على دفع ثمن الجلوس معهم.. وكان الثمن هو إعادة كل شبر من سيناء المحتلة، ثم كان هناك ثمن أشمل كان يخطط له، هو إعادة كل الأراضى العربية التى جرى احتلالها عام 1967، لولا أن الأطراف العربية التى دعاها لتكون إلى جواره قد خذلته تماماً!.
وأملى من كل مسؤول عربى يفكر فى لقاء مع أى مسؤول إسرائيلى فى المستقبل أن يذهب إلى اللقاء وفى يده المبادرة العربية التى طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، وأن يكون القبول بمضمونها هو شرط الجلوس معه على مائدة واحدة.. ففيها أن الأرض فى مقابل السلام.. ولا مطلب للعرب من إسرائيل سوى الترجمة الحية لهذه المعادلة!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع