بقلم-سليمان جودة
تنشغل الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام بأربعة أسماء، وربما ينشغل العالم معها بالأسماء الأربعة نفسها، ليس من أجل سواد عيون الأربعة، ولكن من أجل القضية الأكبر فى الموضوع، والتى سوف نرى ملامحها واضحةً أمام أعيننا حالاً!
أما الاسم الأول فهو الرئيس دونالد ترامب بطبيعة الحال، وأما الثانى فهو جيم أكوستا، مراسل شبكة تليفزيون سى إن إن الأمريكية، والثالث هو القاضى الفيدرالى تيموثى كيلى.. أما سارة هاكابى ساندرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض فهى الرابعة!
والقصة من أولها أن ترامب كان قد عقد مؤتمراً صحفياً فى واشنطن الأسبوع الماضى، وكانت المناسبة هى الانتهاء من انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، التى خرج منها ترامب نصف منتصر ونصف مهزوم، وكان مراسل سى إن إن حاضراً، وكان يسأل ولا يريد أن يترك الميكروفون، وكانت الموظفة المسؤولة تنبهه إلى أنه استغرق وقته، وأن هناك زملاء له آخرين يريدون أن يسألوا، ولكنه لم يكن يهتم.. فعنده أسئلة حائرة يريد إجابات عليها من الرئيس.. وكانت النتيجة أن الرئيس ضاق به جداً، إلى حد أنه وصفه بأنه صحفى وقح!.. ودارت مناوشات بين المراسل من جانب، وبين الرئيس والموظفة من جانب آخر، كانت حديث الإعلام لأيام!
وأعلن مكتب الرئيس بعدها سحب تصريح أكوستا الذى بموجبه يدخل إلى البيت الأبيض، ويمارس عمله، ويتابع أنشطة رئيس الدولة!
وعندما سافر ترامب إلى فرنسا بعد الواقعة بأيام قليلة، أرسل تليفزيون سى إن إن المراسل نفسه لمتابعة الزيارة فى العاصمة الفرنسية، وكان لافتاً أن الجهات المختصة فى باريس، قد أعطت أكوستا مقعداً يجعله قريباً جداً من الرئيس الأمريكى، أثناء مؤتمر صحفى كان سيعقده هناك!
وبمجرد العودة إلى العاصمة الأمريكية من فرنسا، كان القاضى كيلى قد أمر بإعادة تصريح أكوستا المسحوب إليه، وصرح كيلى، الذى كان قرار ترشيحه قاضياً، قد صدر العام الماضى من ترامب ذاته، بما معناه أن القضية عموماً تبدو فى صالح المراسل، وفى صالح التليفزيون الذى يمثله، وأن البيت الأبيض هو المخطئ لأنه لم يُزود أكوستا بالحالات التى يجوز فيها سحب التصريح!
وخرجت سارة ساندرز تقول إنهم خضوعاً للمحكمة سيعيدون التصريح إلى الصحفى، وإنهم فى مكتب الرئيس لا يملكون سوى تنفيذ ما رآه القاضى!
وكان الدرس الذى لا يجوز أن يفوتنا أن أكوستا إذا كان قد تجاوز.. وهو قد تجاوز فعلاً.. فإن علاج تجاوزات الإعلام يكون بالمزيد من الحرية.. فالحرية قادرة على تصحيح تجاوزاتها أولاً بأول.. وبنفسها!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع