بقلم-سليمان جودة
مقدمات الخبر الذى أذيع فى تل أبيب الثلاثاء ٢٠ نوفمبر، كانت قد جاءت قبل إذاعته بثلاثة أسابيع، عندما استيقظ العرب يوم الجمعة ٢٦ أكتوبر على نبأ وجود بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، فى العاصمة العُمانية مسقط، حيث قضى ليلته هو وزوجته سارة!.
مما قيل يومها إن نتنياهو عقد جولة من المباحثات مع الجانب العمانى، دامت ثمانى ساعات، وإن جزءاً كبيراً من الساعات الثمانى كان بينه وبين سلطان عُمان قابوس بن سعيد، وحدهما!.
ومما قيل يومها أيضاً على لسان وزراء إسرائيل.. وهذا هو المهم.. أن الشىء المفاجئ فى زيارته إلى سلطنة عُمان ليس أنها تمت دون مقدمات، ولكن المفاجئ حقاً فى تقديره أنها لن تكون الأخيرة عربياً، ولم يحدد بالطبع وجهته العربية المقبلة، وإنما تركها لتخمين كل متابع.. وقد تناثرت أنباء غير مؤكدة وقتها عن أنها العراق!.
وفى صباح الثلاثاء الماضى، أذاعت هيئة البث الإسرائيلى خبراً يقول إن رئيس وزرائهم سيزور دولة عربية خلال أيام، وإن هذه الدولة ليست بينها وبين إسرائيل علاقات دبلوماسية، وإن مائير بن شابات، رئيس جهاز الأمن القومى الإسرائيلى، موجود وقت نشر الخبر فى الدولة المقصودة، وإن وجوده هناك يتم بشكل سرى، وإنه يبحث ترتيبات الزيارة!.
ما هى هذه الدولة؟!.. لم يذكر الخبر طبعاً، ولكن إشارته إلى أنها دولة لا علاقات دبلوماسية بينها وبين تل أبيب، قد أكد مسبقاً أنها لن تكون مصر، ولن تكون الأردن، لأنهما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تحتفظان بعلاقات رسمية مع إسرائيل، وفق اتفاقيتين للسلام جرى توقيعهما معها!.
والصدفة البحتة هى التى جعلت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال تذيع فى نفس يوم إذاعة خبر الدولة المجهولة، أن عدد أطفال فلسطين الذين لقوا مصرعهم على يد القوات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، أو فى غزة، بلغ ٥٢ طفلاً منذ مطلع هذا العام!.
وكأن لسان حال الحركة، وهى تذيع هذا الخبر، كان يقول إن على المسؤولين فى الدولة التى سيهبط فيها نتنياهو قريباً ألا يضعوا أيديهم فى يديه قبل أن يسألوه عن حق هؤلاء الأطفال، وعن أشياء أخرى بالضرورة، فى المقدمة منها حق الفلسطينيين فى أن تكون لهم دولة على أرضهم، ثم حقهم فى أن تكون القدس هى عاصمة هذه الدولة الفلسطينية عندما تقوم!.
والحقيقة أن صانع القرار فى الدولة التى لم نعرف اسمها بعد، وكذلك فى كل دولة عربية أخرى، ليس فى حاجة إلى شىء حين يلتقى رئيس وزراء إسرائيل، سوى أن يرفع فى مواجهته مبادرة السلام العربية، التى طرحها الملك عبدالله بن عبد العزيز يرحمه الله فى بيروت ٢٠٠٢، فهى تمنح السلام، ولكن فى مقابل الأرض، وتقول بأبلغ بيان إنها صفقة يحصل فيها العرب على الأرض، وتحصل فيها إسرائيل على السلام.. وقد كانت هذه هى صفقة القرن العادلة، لا صفقة القرن الغامضة التى نسمع عنها هذه الأيام، دون أن نعرف ما هى، ولا ما هى ملامحها، ولا ما هى حدودها، ولا من أين تبدأ، ولا أين بالضبط سوف تنتهى؟!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع