بقلم - سليمان جودة
كتبت فى هذا المكان سطوراً صباح أمس الأول، عن أملى فى صدور توجيه رئاسى مباشر، بتخصيص المبلغ المتوفر من وقف استيراد الغاز، بدءاً من أول أكتوبر، وهو ٢٥٠ مليون دولار شهرياً، لصالح مواجهة العجز الفادح فى فصول الدراسة.. وتشاء الصدفة أن تنشر الجريدة صورة حزينة فى نفس اليوم، من داخل فصل فى إحدى مدارس الإسكندرية، لم يتمالك المحافظ نفسه حين رآه، فانخرط فى البكاء!
كان الفصل مكتظاً بالتلاميذ إلى حد لا تكاد تصدقه العين، لولا أن الصورة تجسده أمامك.. وكان أحد التلاميذ يرفع يديه فى أقصى الصورة، وكأنه يرسل.. دون وعى.. رسالة استغاثة وإشارة إنذار معاً.. إنها استغاثة من بقاء وضعه مع زملائه على الشكل الذى نقلته الصورة عارياً دون رتوش.. ثم إنذار من عواقب بقاء وضع كهذا على مستقبل البلد بكامله!.
وما إن قرأ الدكتور محمد شتا السطور المنشورة، حتى تجددت مواجعه، فأرسل يقول إنه كانت عنده فكرتان منذ وقت مبكر مضى، يستطيع بهما البلد، بشىء من العزيمة، تفادى الوضع المأساوى الذى تكشف عنه الصورة القادمة من الإسكندرية!.
كان قد دعا وقت أن كان رئيساً لإحدى المدن، التى كان يمثلها وزير فى البرلمان، الى أن تقترض الحكومة من البنوك مبلغاً، يساوى.. مثلاً.. خمسة أضعاف المبلغ المخصص لإنشاء مدارس جديدة فى الموازنة العامة، على امتداد السنوات الخمس التالية، فتنشئ به العدد الأكبر من المدارس، مرةً واحدة، وتستطيع خلال عامين، الوصول بكثافة فصولنا إلى المستويات العالمية الآدمية، بدلاً من أن تكون فى زحام عشش الفراخ الذى تشير إليه الصورة الحزينة، وتنطق به، وتقول!.
وكانت فكرة ممكنة، ولا تزال، فالأموال المكدسة فى البنوك تكاد تكون بلا حصر، ولو افترضنا أن الفكرة ستصادف صعوبات فى طريقها، فمن السهل التعامل معها إذا ما توافرت الإرادة!.
ولكن.. غابت الإرادة فماتت الفكرة فى مكانها، إلى أن استيقظنا على وزير التعليم يقول قبل أيام، إننا فى حاجة إلى ١٠٠ مليار جنيه، لبناء ٢٠٠ ألف فصل، وأن الكثافة فى الفصول لن تصل إلى درجتها الطبيعية، إلا بعد عشر سنوات من الآن!.
والفكرة الثانية كانت تقترح بيع ٤٠٪ من أسهم قناة السويس للمصريين، حسب ضوابط محددة شرحها فى وقتها، وهى فكرة كفيلة.. لو تحققت.. بالحصول على إيراد يصل إلى تريليون جنيه.. يعنى عشرة أضعاف المبلغ الذى يريده الوزير طارق شوقى، لتحقيق كثافة مدرسية آدمية!.. يعنى سوف نستطيع وقتها الوصول بالصحة، وليس بالتعليم وحده، إلى مستويات متطورة فى العالم، يتحدث عنها الدستور القائم فى أربع مواد كاملة!.
الأفكار كثيرة وتحتاج فقط إلى أن نكلف أنفسنا عناء أخذها بجدية.. فالصورة الكاشفة فى الإسكندرية تصرخ بأن السكوت على الوضع فى المدارس، نوع من الترف لا يحتمله مستقبل البلد!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع