بقلم - سليمان جودة
المشروعات الأربعة الكبيرة التى افتتحها الرئيس فى الصعيد صيف هذا العام، فى حاجة إلى أن توضع فى إطارها الصحيح ضمن صورة أشمل لعملية التنمية فى البلد، وهى لن توضع هكذا إلا إذا نظرنا إليها باعتبارها بداية عمل مختلف فى صعيد مصر، ليس من جانب الدولة، ولكن من جانب القطاع الخاص فى الأساس!.
فالرئيس افتتح قناطر أسيوط التى ستجعل الرى فى مليون ونصف المليون فدان رياً أفضل، وافتتح ٢٥ بئراً فى محافظة الوادى الجديد.. وكلا الافتتاحين يصب فى خانة الزراعة التى لاتزال فى أشد الحاجة إلى دعم أقوى من صاحب القرار.. فدعمها هو دعم لقضية الإنتاج فى البلد.. دعم نحصل على عوائده فى حياة الفلاح وفى حياتنا بشكل مباشر!.
وفى الافتتاح الثالث، كنا على موعد فيه مع متحف كبير فى سوهاج، وهو متحف أتمنى لو أن مدارس الجمهورية وضعت زيارته على جدول أعمال كل تلميذ فى هذا العام الدراسى، وأن يكون ذهاب الطالب إليه جزءاً من رؤية أعم، تضمن لكل طالب ألا يذهب إلى الجامعة إلا ويكون قد مر على كل متحف مماثل.. فتاريخنا المحفور على جدران المعابد أولى به طلابنا قبل السائح الزائر!.
وفى المرة الرابعة، افتتح الرئيس مجمع الأسمنت فى بنى سويف.. وهكذا تتوزع الافتتاحات الأربعة على أربع محافظات من أقاليم الجنوب.. وقد تمنيت لو أن مجمع الأسمنت كان فى سوهاج، لأنها الأحوج على طول الصعيد إلى فرص العمل لأبنائها الباحثين عن عمل.. ولانزال نذكر قصة طفل التهريب فى بورسعيد، الذى كان سوهاجياً، أعياه البحث عن عمل فى محافظته، فلما لم يجد كانت بورسعيد هى الحل!.
وما يجمع بين المشروعات الأربعة أن الدولة هى التى قامت بها، لا القطاع الخاص الذى من المفترض أن يسبق الدولة هناك، وأن ينشئ عشرة من المشروعات فى مقابل كل مشروع واحد تنشئه الدولة، وأن تكون مشروعاته كثيفة العمالة!.
ولكنه لن يفعل ذلك من تلقاء نفسه، فهو فى حاجة إلى شىء يحفزه، ويحرضه، ويشجعه، والحكومة تعرف تماماً ماذا بالضبط يمكن أن يغريه بترك العاصمة إلى المحافظات.. والصعيد بالذات.. وفى العالم كله يجرى القطاع الخاص وراء إغراءات تقدمها الحكومات خارج العواصم!.
وفى بولندا مثلاً.. تقدم الحكومة دعماً مادياً مباشراً لكل صاحب رأس مال يقرر استثماره خارج العاصمة وارسو!.. والصعيد أولى بهذه الفكرة!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع