بقلم-سليمان جودة
تبدو العلاقة بين مجلس النواب والحكومة علاقة ملتبسة هذه الأيام، وتبدو فى ضوء ما نتابعه من وقائع شبه يومية فى حاجة شديدة إلى وضع النقاط فيها فوق حروفها، لأن استمرارها على ما نراه ليس فى صالح الطرفين كما سوف أشير حالاً!.
فلا تكاد هذه اللجنة أو تلك من لجان البرلمان تعقد اجتماعاً إلا وتكون فى نهايته قد رفعت مذكرة غاضبة إلى رئيس المجلس، تشكو فيها من غياب الوزير المختص عن الاجتماع، وكذلك غياب مَنْ ينوب عنه، رغم دعوتهما مراراً، ولأكثر من مرة!.
وفى مرحلة من المراحل، وصل الأمر إلى مستوى رئيس المجلس، الدكتور على عبدالعال نفسه.. فخرج الرجل يشكو فى العلن، ولأكثر من مرة أيضاً، من غياب الكثيرين من الوزراء عن جلسات كان هو شخصياً قد دعاهم إلى حضورها!.
ولا أريد أن أذكر الوقائع لأنها كثيرة، ومتكررة، ومنشورة، ولأن سردها واقعة بعد الأخرى، إذا كان أمراً مهماً، فالأهم من ذلك أن ينتبه الطرفان.. البرلمان والحكومة معاً.. إلى حقيقة الانطباع الذى سيترسخ فى عقل المواطن المتابع، وهو يرى أن العلاقة بينهما تصل إلى هذا الحد من الشد والجذب، ومن الشكوى التى لا تتوقف من جانب أحدهما فى حق الآخر!.
فالبرلمانات نشأت فى العالم لتؤدى وظيفتين اثنتين، إحداهما تشريع القوانين، والثانية مراقبة أعمال الحكومة.. ولا وظيفة ثالثة!.
وعندما تقرر لجنة من لجان مجلس النواب استدعاء وزير من الوزراء أمامها، فليس لأنها تتقصده، ولا لأنها تريد جرجرته إلى حيث لا يحب ولا يريد، ولا بالطبع بغرض إحراجه، ولكن بقصد ممارسة واجب برلمانى فى المحاسبة والمتابعة لا بديل عن ممارسته، وإلا انتفى الهدف من وجود البرلمان فى الأصل!.
والوزير من جانبه عندما يقرر الذهاب إلى المجلس، سواء على مستوى جلساته العامة، أو حتى على مستوى لجنة من لجانه، ليواجه ما ينتظره بشجاعة وقوة فى الحالتين، فهو لا يفعل ذلك تفضلاً على الأعضاء الذين طلبوا حضوره هناك، وإنما يفعله فى سبيل أن تمارس السلطة التشريعية دورها الرقابى، ثم يفعله لأن دافع الضرائب من حقه على برلمانه أن يظل يراقب ويحاسب، وألا يتوقف عن الرقابة، ولا عن المحاسبة، حسب الأصول والقواعد التى تعرفها برلمانات الدنيا المتطورة!.
ولأن عُمر الحياة البرلمانية يمتد فى البلد إلى أكثر من قرن ونصف القرن، فليس من اللائق بماضينا البرلمانى الممتد أن يكون هذا هو الحال الحاضر الذى نتابعه، ولا نكاد نصدقه أو نصدق أن مضابط مجلس النواب سوف تسجل ما نذكره لتقرأه أجيال تالية!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع