بقلم-سليمان جودة
الفكرة التى أسّس لها وزراء ثلاثة فى مسجد السيدة نفيسة قبل أيام تحتاج إلى أن تحظى باهتمام أعلى على مستوى الدولة كلها.. اهتمام ينقلها من المسجد إلى كل بيت وكل منشأة حكومية أو خاصة!.. وإذا كان قد قيل إنها فكرة ستنتقل من «السيدة نفيسة» إلى جميع مساجد الجمهورية فى مرحلة لاحقة، فهذا جيد فى حد ذاته، ولكنه لا يكفى!
أما الفكرة فهى تركيب حنفيات موفرة فى المساجد.. وأما الوزراء فكانوا: اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربى، والدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى، والدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف.. وقد ذكر اللواء «العصار» أن الحنفيات جرى إنتاجها فى شركة تابعة للوزارة بتكنولوجيا ألمانية، وأنها توفر 35% من المياه المستخدمة!
ومنذ أسابيع كانت إثيوبيا قد أعلنت أن عملية بناء سد النهضة تتعثر بسبب خطأ وقع من جانب الشركة التى تنفذه، وأن هذا الخطأ سوف يؤخر الانتهاء من بنائه ما يقرب من أربع سنوات.. ويومها كان مصريون كثيرون قد أحسوا بالراحة بينهم وبين أنفسهم لأن تأخر الانتهاء من السد الإثيوبى سوف يعطى للطرفين المصرى والإثيوبى الوقت الكافى للتعامل معه بما يضمن عدم تأثيره على حصتنا من مياه النيل!
ولكن وكالات الأنباء حملت خبراً مفاجئاً فى نفس توقيت بدء فكرة الحنفية الموفرة، يقول إن شركة الكهرباء الإثيوبية المسؤولة عن تشييد السد وقّعت اتفاقاً مع شركة فرنسية لتسريع البناء، وإن تكلفة التسريع تصل إلى 395 مليون يورو!
وقد جاء هذا الخبر فى وقت لم نتفق فيه مع إثيوبيا على فترة ملء خزان السد، ولا على طريقة تشغيله، ورغم المفاوضات الطويلة التى دارت وتدور بحضور السودان طرفاً ثالثاً، فلايزال الكلام يعود فى كل مرة يلتقى فيها الأطراف الثلاثة إلى حيث بدأ!
وحتى بافتراض أن السد لن يؤثر، وأننا سنتفق فى النهاية مع الإثيوبيين، وأنهم سيتفهمون أن موضوع النيل بالنسبة لنا لا فصال فيه، فإن الفكرة التى أطلقها الوزراء الثلاثة لا يجوز أن تضيع فى زحام الأحداث، ولا أن تتوقف عند حدود المساجد، ولا أن تكون لقطة ظهرت فى الصحف ثم ينتهى الأمر!
وإذا كان الوزير «عبدالعاطى» يواصل التفاوض مع الجانب الإثيوبى، ويشجع الرى الحديث، وإذا كان الوزير «العصار» ينتج الحنفية الجديدة، فالوزير «جمعة» هو الذى عليه أن يتبنى الترويج لها من فوق منابر المساجد فى أنحاء الجمهورية كلها!
وليس عليه الترويج لها فقط، ولكن عليه العمل على تغيير ثقافة الناس الشائعة فى استهلاك الماء لأن الثقافة الدينية التى تنصح بألا نسرف فى الاستهلاك ولو كنا على نهر يجرى لا وجود لها بين الغالبية من المواطنين.. بل إن هذه الغالبية تتصرف على العكس من ثقافة عدم الإسراف على طول الخط!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع