توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«نوبل السلام» أحوج ما تكون إلى تصحيح المسار

  مصر اليوم -

«نوبل السلام» أحوج ما تكون إلى تصحيح المسار

بقلم - سليمان جودة

حصلت الإيرانية نرجس محمدي على جائزة نوبل هذه السنة، فكانت المرأة الرقم 19 التي تحصل عليها منذ إطلاق الجائزة في 1901، وكانت الأولى منذ أن حصلت عليها الفلبينية ماريا ريسا في الدورة قبل السابقة للجائزة.

وليس سراً أن نرجس سجينة منذ فترة، وأنها تقضي عقوبات بالحبس تصل في مجملها إلى 12 سنة، وأنها كانت قبل حبسها تشغل موقع نائبة رئيسة مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، أما رئيسة هذا المركز فهي الإيرانية شيرين عبادي، التي حصلت على «نوبل» في 2003، والتي تعيش في المنفى منذ سنوات.

والاثنتان حصلتا على «نوبل في السلام»، وهي واحدة من فروع الجائزة الستة التي يجري منح «نوبل» فيها خلال أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة، بدءاً من الطب، إلى الفيزياء، إلى الكيمياء، إلى الأدب، إلى الاقتصاد، ثم السلام بطبيعة الحال.

أما توزيع الجوائز الست فيكون في ديسمبر (كانون الأول)، ويتم في حفل تشهده العاصمة السويدية أستوكهولم ويشهده العالم معها، ويحضره ملك السويد ومدعوون كبار من شتى أنحاء العالم، ويظل حديث المهتمين وغير المهتمين.

ولا تزال «نوبل» هي الجائزة الأرفع في العالم، ليس من حيث قيمتها المادية التي تصل إلى مليون دولار لكل فائز، ولكن من حيث قيمتها المعنوية التي تنقل الفائز بها من مربع إلى مربع آخر تماماً، وتجعل شهرته تملأ الأرض، وخصوصاً إذا كان قد فاز بها في فرع الأدب.

ففي هذه السنة على سبيل المثال، حصل عليها في هذا الفرع الأديب النرويجي يون فوسه، الذي قال إنه كان يتوقعها خلال السنوات العشر الأخيرة، ولكنه رغم ذلك لم يكن يصدق عندما اتصلت به إدارة «نوبل» تبلغه الخبر.

ومن الممكن أن يكون فوسه اسماً معروفاً في بلده قبل «نوبل»، وفي الدول الاسكندنافية المحيطة ببلاده، ثم في محيط أوسع بين متابعي الأدب وقرائه حول العالم، ولكنه بعد الفوز سوف يصبح على كل لسان، وسوف تجد مؤلفاته ترجمات لها في كل لغة، وسوف ترتفع أرقام توزيع هذه المؤلفات، وسوف يكسب من ورائها الكثير من المال، وسوف يجد نفسه مدعواً إلى لقاءات وندوات في أرجاء الكوكب، وسوف يتبين له عندها وكأن الناس يكتشفون للمرة الأولى أن في عالم الأدب كاتباً اسمه يون فوسه، وأنه يكتب ما يستحق القراءة والمتابعة.

وعندما حاز نجيب محفوظ جائزة نوبل في 1988، راجت أعماله كما لم تجد رواجاً من قبل، وصعدت أرقام توزيع رواياته إلى السماء، وصار مطلوباً في كل مكان، ولم يكن وقتها يجد الوقت لينام، وقد عبّر عن ذلك بخفة دمه المعهودة، فقال ما معناه، أنه اكتشف بعد فوزه بها أنه قد أصبح موظفاً لدى السيد نوبل!

ولكن هذا كله لا يجب أن يلفتنا عن جائزة السلام التي صارت في الفترة الأخيرة تذهب إلى ناشطين وناشطات في مجال حقوق الإنسان، ولا تذهب إلى رجل ساهم في صناعة السلام بين بلاده وبين بلد مجاور، كما حدث مع السادات مثلاً عندما حصل عليها في سبعينات القرن الماضي.

ليس هذا تقليلاً من شأن ملف حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر، فلقد صار ملفاً مطروحاً على كل مائدة، وحاضراً في كل محفل، وطرفاً في كل قضية ينشغل بها هذا العالم، ولكن اكتساب ملف حقوق الإنسان هذا الحجم لا يعني أن يأخذ مكان السلام في «نوبل»، ولا أن تتحول «نوبل» عن السلام إليه، ولا أن نظل سنةً بعد سنة نبحث عن رجل حصل عليها في السلام كالسادات فلا نكاد نعثر على اسم واحد.

وفي 2019 كانت «نوبل في السلام» قد ذهبت إلى آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، وكان ذهابها إليه محل تساؤلات كبيرة ولا يزال، ليس عن موقف شخصي ضد الرجل، ولكن لأن ما يمارسه في ملف سد النهضة تجاه مصر والسودان، لا يؤسس لسلام من أي نوع في منطقة القرن الأفريقي ولا في شرق القارة السمراء، وإنما يؤسس لمشكلات يمكن أن تفيض على خارج المنطقة نفسها، إذا ما استمر هو في هذا النهج الذي يتبعه ويمشي عليه.

في مقدور لجنة الجائزة في السويد أن تستحدث جائزة لحقوق الإنسان، وفي إمكانها أن تكافئ ناشطي حقوق الإنسان كما تحب وتشاء، ولكن عليها أن تعيد جائزة السلام إلى صانعي السلام بمعناه الحقيقي؛ لأن عالمنا أحوج ما يكون إلى رجل، بل رجال ممن يصنعون السلام، ولأن مثل هؤلاء الرجال في حاجة إلى أن تضعهم لجنة «نوبل» في الحسبان، وأن تظل تحرّضهم على صناعته عاماً بعد عام، فلا تبدو صناعة السلام غريبة في دنيا غريبة.

ليس في العالم ركن إلا وفيه أزمة مشتعلة، وليس فيه زاوية إلا وتنام على وضع متأزم، وليس فيه أرض إلا وهي قلقة لا تكاد تستقر، وهذا كله إذا لم يلفت انتباه لجنة «نوبل»، فأي شيء سوف يلفت انتباهها ويجذبها ويشدها إليه؟

يشعر صناع السلام بين الشعوب بأنهم غرباء، ولا جهة قادرة على تبديد هذا الشعور لديهم إلا اللجنة التي تحمل اسم ألفريد نوبل من مكانها في أقصى الشمال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نوبل السلام» أحوج ما تكون إلى تصحيح المسار «نوبل السلام» أحوج ما تكون إلى تصحيح المسار



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon