بقلم سليمان جودة
هل هى صدفة، أن يلتقى الرئيس مع رؤساء تحرير الصحف القومية، فى اليوم نفسه، الذى كان البرلمان سيناقش فيه اقتراحاً بتعديل قانون يخص رؤساء التحرير أنفسهم؟!
فى تقديرى، أنها ليست صدفة على الإطلاق، وإذا كان هناك أحد بيننا سوف يعتبرها صدفة، فهو طيب جداً، وحسن النية تماماً!
وهل هى صدفة، أن يقتصر لقاء الرئيس على رؤساء تحرير الصحف القومية المعنيين وحدهم، دون أن يشمل اللقاء رؤساء تحرير الصحف الخاصة، والحزبية، كما جرت العادة دائماً؟!
لا أظن أيضاً أنها صدفة، ولا أظن أن رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية رؤساء تحرير درجة ثانية، بحيث يقبلون أن يأتى دورهم فى لقاء آخر، أو لا يأتى!
ولست أظن أن الرئاسة تنظر إليهم هكذا، ولكنى أعتقد أن قصر اللقاء على رؤساء تحرير الصحف القومية كان مقصوداً، وأنه كان رداً رئاسياً غير مباشر على الاقتراح إياه، الذى تقدم به منذ فترة زميلنا الأستاذ مصطفى بكرى، ثم راح، بعزيمة أحسده عليها، يتابعه فى أرجاء مجلس النواب، وفى طرقاته، وفى أركانه، لعله يتحرك من مكانه ولو خطوة واحدة.. ولكن دون جدوى.. رغم أنه حاصل على موافقة أكثر من 300 نائب فى برلمان عدد أعضائه 598 نائباً!
لقد استقبل المهندس شريف إسماعيل رؤساء التحرير جميعاً، قبل أيام، ولم يشأ أن يفرق بين رئيس تحرير منهم وبين آخر، ولا يمكن أن تتحدث رئاسة الوزارة لغة، ثم تتحدث رئاسة الجمهورية لغة أخرى، إذا ما تعلق الأمر بهذا الشأن.. لا يمكن!
وقد قرأت من جانبى تصريحات الرئيس لرؤساء التحرير، باهتمام يليق بكلام الرجل، وبمقامه، ثم بحثت، فى الوقت نفسه، عن اقتراح زميلنا بكرى، فاكتشفت أنه كان مطروحاً بالفعل على جدول أعمال البرلمان، فى اليوم ذاته، وأنه كان قيد المناقشة، للإقرار والتمرير، أو الرفض، وأنه كان رقم 4 بين بنود جدول الأعمال!
فماذا حدث؟!.. ناقش «النواب» البنود الثلاثة الأولى، وعندما جاء دور البند الرابع قفز الدكتور على عبدالعال، رئيس البرلمان، فوقه، وتجاوزه سريعاً، إلى البند الخامس.. وحين تساءل صاحبه، فى إلحاح، وفى يأس، عن مبررات القفز فوق اقتراح بتعديل قانون طال انتظاره فى مكانه، رد رئيس النواب بابتسامة لها معنى مؤكد: انتظر يا مصطفى!
ولابد أن مصطفى «يفهمها وهى طايرة»، بحيث يمكن أن يلتقط المعنى الكامن وراء ابتسامة الدكتور عبدالعال.. كما لابد أن على الدولة أن تفهم، وبسرعة، أن هذه الحكاية تقول من أولها لآخرها إن بعض الدولة يتحرك ضد بعضها الآخر، وإن هذا خطر للغاية.. فاللهم إنى قد بلغت!