بقلم : سليمان جودة
الإعلام المكلف بنقل أخبار الزيارات الرئاسية إلى المحافظات، لم يعرف كيف يقدم قرار قصب السكر إلى كل مواطن صعيدى يزرع القصب، من الجيزة فى الشمال إلى إسوان فى الجنوب.. فالهدف ليس مجرد نقل أخبار هذه الزيارات، ولكنه بالأساس إقناع الناس بما يتم خلالها !
والمواطن الذى يتابع زيارات الرئيس، خلال هذه الفترة السابقة على انتخابات الرئاسة، يظل فى حاجة إلى مَنْ يحسبها معه بالورقة والقلم، ليعرف ما الذى بالضبط دخل إلى جيبه فعلاً، وما الذى سوف يدخله.. وهو بالطبع يفضل دخله فى الحالة الأولى، ولو كان قليلاً، على ما سوف يكون فى جيبه نفسه، مستقبلاً، ولو كان كثيراً!
ولكن أحداً فى إعلام الدولة لم يكلف خاطره، ليتناول القرار بهذه الطريقة، التى تخاطب عقل إنسان بسيط لا يريد من أحد أن يتفلسف عليه، وهو يتكلم معه، ولا أن يُغرقه فى تفاصيل لا يفهمها، ولا يستوعبها!
فالرئيس قرر خلال زيارة إلى بنى سويف، ٢١ يناير، رفع سعر توريد طن قصب السكر إلى ٧٢٠ جنيهاً للطن الواحد.. وبحسبة بسيطة فإن دخل كل مواطن يزرع القصب قد زاد بمقدار مائة جنيه فى كل طن!
وبحسبة أبسط.. فإن هذا المواطن نفسه إذا كان يزرع فداناً- مثلاً- وإذا كانت حصيلة الفدان عشرة أطنان، فهو قد حصل على ألف جنيه فى يده بشكل مباشر، فى اليوم التالى للزيارة الرئاسية!
وقد كان الملايين من الفلاحين فى الصعيد يصرخون، منذ وقت مبكر من هذا العام، فى سبيل أن يحصلوا على زيادة فى السعر تعوّضهم، عن ارتفاع أسعار كل شىء يستخدمونه فى الزراعة وفى الإنتاج.. صحيح أنهم كانوا يطمحون فى زيادة بنسبة أعلى مما جاء بها القرار، ولكنها زيادة مشكورة على كل حال!
وكانوا يستغيثون قبل فتح باب التوريد، ولم يكن أحد يسمع لهم، ولا يسأل فيهم.. لا وزير الزراعة.. ولا غير وزير الزراعة ممن يعنيهم الأمر فى البلد!
وكنت أتابع استغاثاتهم، وأتذكر أن محمد على باشا، لما سألوه بعد أن تولى حكم مصر، أوائل القرن قبل الماضى، عن أصحاب الفضل عليه فى منصبه، قال: اثنان لا ثالث لهما: الوالى العثمانى الذى إعتمد قرار تعيينى حاكماً.. ثم الفلاح المصرى الذى يزرع الأرض وينتج!
ولكن يبدو أن مد يد العون إلى الفلاح، ليس على بال أحد، ولو كان على بال أحد، لكان مسؤولونا المعنيون بالزراعة خصوصاً، وبالإنتاج عموماً، قد أدركوا معنى أن يحرص الرئيس الفرنسى- أى رئيس فرنسى- وليس الحالى فقط، على أن يكون أول الذين يسارعون إلى حضور المعرض الزراعى فى كل عام، دون انقطاع، وأول الذين يدعمون الفلاح بكل قوة!
وقد انقطع صوت الدكتور محمود عمارة، وهو يلفت انتباهنا فى كل مناسبة إلى هذه المسألة، وإلى معناها، وإلى نتائجها الهائلة على الإنتاج الزراعى فى فرنسا كلها!
قرار الرئيس لفتة إيجابية منه لا ينساها زارع القصب.. وإعلام الرئيس فى حاجة إلى أن يخاطب المواطن بما يفهمه ويُقنعه!
نقلا عن المصري اليوم