بقلم - سليمان جودة
أفضل شىء سوف يفعله منتدى شباب العالم، الذى تشهده شرم الشيخ فى الثالث من نوفمبر المقبل، أنه سيعيد بعث الكتاب الأهم للدكتور ميلاد حنا، إلى الحياة من جديد، لعل المعانى العميقة الواردة فيه تصل إلى الناس مرةً أخرى هذه الأيام!
الكتاب اسمه: الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، وقد صدر فى أول طبعة عام ١٩٩٩، عن دار نهضة مصر، ولو أن الدكتور طارق شوقى رآه، فالمؤكد أنه سيقرر إضافته إلى المناهج المقررة فى مدارسنا، لأن كتاباً بهذا المحتوى لابد أن يكون هواءً يتنفسه كل طالب!
وإذا كان المنتدى الذى يعقد دورته الثانية هذا العام، قد قرر أن تكون فصول الكتاب محوراً لنقاشات فى جلساته، ففكرة كهذه تُحسب له بكل تأكيد، وكذلك للقائمين على تنظيمه، لأنه لا شىء أحسن من أن يكون كتاب بهذا العنوان، وبهذا المضمون، حديث الإعلام على مدى أيام المنتدى الثلاثة!
يحكى الدكتور حنا فى كتابه، كيف أنه كان فى زيارة ذات يوم إلى السويد، وكيف أنهم أخذوه إلى جزيرة فى العاصمة استكهولم، حولوها إلى متحف حى مفتوح، يستعرض أمام الزائرين نمط الحياه السويدية فى القرن التاسع عشر وما قبله بقليل.. وكان الهدف هو نقل المواطن السويدى الزائر إلى أجواء تجعله عارفاً بتاريخ بلاده فى مرحلة من مراحله!
لاحظ القائم على المتحف انبهار ميلاد حنا بالفكرة، فأدهشه ذلك جداً، وصارحه بأن ما تملكه السويد من تاريخ مكتوب، لا يكاد يساوى واحداً على خمسة مما تملكه مصر من تاريخها المكتوب.. ومن هنا خرجت فكرة الكتاب إلى النور!
وقد كان كلام الرجل فى محله تماماً، لأن تاريخنا المكتوب يعود إلى الملك مينا، الذى عاش فى عام ٣١٠٠ قبل الميلاد، وكان هو الذى بدأ عصر الأُسرات، ومن هناك فى العصر الفرعونى، بدأت رقائق الانتماء السبعة لدى الشخصية المصرية تتكون وتتشكل، واحدة فوق أخرى.. ومن الفرعونى انتقلنا إلى العصر الرومانى اليونانى، ومنه إلى الانتماء القبطى، فالإسلامى، وصولاً إلى الانتماء العربى، ثم إلى ثقافة البحر المتوسط على اتساعه، وأخيراً إلى أفريقيا!
أعمدة سبعة شكلت شخصية المصرى، وراحت تجرى مع الدماء فى شرايينه، وكان وعيه المنفتح على الدنيا يستند اليها ويأخذ منها جميعاً، ويتصرف على أساس منها، دون أن ينتبه كل واحد منا أو يدرى!.. هذه هى الأرضية التى يقف المنتدى فوقها وهو يخاطب شباب العالم!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع