سليمان جودة
هل من الوارد أن يطير رئيس الحكومة إلى شرم، وقد أخفى قنبلة بين طيات ثيابه، لتفجيرها في المدينة؟!
وهل من المحتمل أن يدخل الوزير- أي وزير- المطار، وقد امتلأ جيبه بالممنوعات، على أمل المرور بها، دون أن يلاحظه أحد؟!
طبعاً.. لا هذا وارد، ولا ذاك ممكن، ولا حتى في الخيال!
إذن.. فلماذا هذه الصور المستفزة، التي تنشرها الصحف يوماً بعد يوم، لمسؤولين كبار، كان آخرهم المهندس شريف إسماعيل، رافعاً يديه في المطار، بينما العسكرى المسكين منهمك في تفتيشه ذاتياً، وهو بالقطع يضحك بينه وبين نفسه!
إلى من بالضبط، نريد أن تصل مثل هذه الصور؟!
إذا كان القصد بها أن تصل إلى المواطن داخل البلد، فالمؤكد أن هذا المواطن يتطلع إلى كل صورة منها، بسخرية شديدة، مع الكثير من الإشفاق على الذين يصممون على أن يضعوها أمامه مفترضين فيه العبط الكامل!
وإذا كان الهدف أن تصل إلى الخارج، فالمؤكد كذلك، أن هذا الخارج سوف يظل يضحك من سذاجتنا فيها حتى يستلقى على قفاه!
سوف يظل يضحك علينا، لأنه يفهم التأمين الجاد، بعيداً عن الكاميرات لا أمامها، ويريد التفتيش الذي لا يعرف التراخى، لآحاد الناس، وليس للمسؤولين الكبار أبداً!
ثم إذا كان التفتيش في مطاراتنا بهذا الحرص الذي تظهره صور المسؤولين، وهم يرفعون أياديهم في استسلام أمام عدسات المصورين، فلماذا تساوم موسكو وتفاصل في عودة سياحتها إلينا، ولماذا لا يزال يعود إليها وفد، ويجىء منها وفد، ليتفقد مطاراتنا، دون أمل يلوح في الأفق؟!
ولماذا يخرج السفير الإنجليزى في القاهرة، ليقول، أمس الأول، إن مسألة عودة طيران بلاده إلى شرم قد أخذت وقتاً أطول من اللازم، دون أن يفسر لنا لماذا استغراق كل هذا الوقت؟!.. فالإجابة قطعاً عنده هو.. لا عندى، ولا عند القارئ الكريم.
إن علينا أن نراعى الدقة المتناهية وتأمين مطاراتنا، لأنها يجب أن تكون آمنة، في كل أحوالها، لا لأننا نريد أن ترضى عنا موسكو أو نرغب في أن نغازل لندن!.. فلقد اقتربنا من صنع «عجين الفلاحة» للعاصمتين دون أي بادرة إيجابية منهما، وكأن المسؤولين فيهما صاروا يجدون لذة مطلقة في التفتيش على مطاراتنا وفى اللعب على أعصابنا!
متى نتوقف عن الضحك على أنفسنا؟!.. ومتى نلتفت إلى أن مثل هذه الصور مصنوعة، وأنها بالتالى، بلا أي أثر؟!
إظهار جدية التأمين لا يكون بتفتيش شريف إسماعيل!