بقلم : سليمان جودة
يملك الدكتور صب��ى الشبراوى فكرة، ويملك الدكتور سعد الجيوشى تجربة، وكلاهما يراهن من خلال الفكرة، ومن خلال التجربة، على أنه لا بديل عن إشراك المواطن فى معادلة الذهاب بهذا البلد إلى المستقبل!
فسنوات الدكتور الشبراوى الطويلة، مع الدراسة فى الخارج، والتدريس فى الداخل، والكتابة فى الحالتين عن البشر باعتبارهم المورد الأهم لدى الدولة، تقول بأوضح لغة إن صلاح القطاع العام هو فى توزيع أسهم الملكية فيه على الناس!.
وعندما تكون مصانع الحديد والصلب.. مثلاً.. مملوكة للمصريين، من خلال عدة أسهم لكل واحد حسب مقدرته المادية، فسوف تتشكل الجمعية العمومية منهم، وسوف تأتى بالإدارة القادرة على تحقيق أرباح، فإذا عجزت الإدارة عن ذلك، أعفتها الجمعية نفسها، وجاءت بإدارة أكفأ منها.. وهكذا فى كل شركة قطاع عام.. وهكذا سوف تصبح الكفاءة هى معيار بقاء أى إدارة فى موقعها.. وهكذا سوف لا يكون فى القطاع العام مكان لإدارة توزع أرباحاً على موظفين تنابلة لا يعملون، أو تصرف حوافز فى شركات خاسرة!.
وقد كانت هذه هى الفكرة التى لعبت عليها مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا فى السبعينيات من القرن الماضى، فتوجهت مباشرةً إلى تمليك القطاع العام للبريطانيين، وتحوّل كل بريطانى فى كل شركة قطاع عام إلى مالك يتابع أوضاع ما يملكه، ويشارك فى تعيين الإدارة، ويظل يراقبها من جمعية عمومية قائمة إلى جمعية عمومية قادمة.. وبخلاف ذلك سوف يظل قطاعنا العام نزيفاً للمال العام لا يتوقف!
جربوها ولن تخسروا.. جربوها وسوف تكسبون قطاعاً عاماً بكامله.. جربوها واستدعوا الدكتور الشبراوى واسمعوا منه.. جربوها وأنصتوا إليه، فهو قادر على أن يمنحكم حلاً بالمجان!.
وعندما جاءوا بالدكتور الجيوشى وزيراً للنقل، ذات يوم، كان على قناعة تامة، بأن إصلاح كل مرفق فى البلد ممكن جداً، بمواردنا الذاتية وحدها.. ودون اقتراض دولار واحد من أى جهة دولية.. وقد راح يطبق قناعته فى هيئة السكة الحديد، على سبيل المثال، فنجح فى رفع كفاءة ٥٠ عربة نقل ركاب، و٦٠ عربة نقل بضائع، فى كل شهر!.. وقد كان يفعل ذلك بأداتين اثنتين: الأولى ٧٢ ألف موظف وعامل فى الهيئة، كانوا فى انتظار رجل يعرف كيف يوظفهم فى أماكنهم كما يجب.. والثانية كانت عشرين ورشة عملاقة، بعضها يتفوق فى إمكاناته على ورش فى بريطانيا التى عرفت أول سكة حديد فى العالم!.
ولو استمرت تجربة الرجل، لكانت قد نقلت السكة الحديد إلى مربع آخر تماماً، بخلاف هذا المربع الذى ينقل الركاب إلى الآخرة!
وما أفهمه من فكرة الدكتور صبرى، ومن تجربة الدكتور سعد، أن لدينا عقولاً مصرية قادرة، وأن عندنا إمكانات ذاتية متوفرة، وأن توظيف العقول والإمكانات الذاتية هو الرهان، وأن الدول التى كانت وراءنا، ثم صارت أمامنا، قد فعلت ذلك وحده ولا تزال تفعله!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع