بقلم-سليمان جودة
على مدى يومين انعقد خلالهما منتدى أفريقيا ٢٠١٨ فى شرم الشيخ، استوقفتنى كلمات ألقاها رؤساء خمس دول أفريقية، وكانت كلمة الرئيس بالطبع هى الأولى، ومن بعده تحدث رئيس رواندا، ثم النيجر، وسيراليون، وأخيراً وقف رئيس مدغشقر يرتجل على المنصة، ويربط بين التنمية وبين الأمن، ثم يرسم أحلاماً مشتركة يراها فى وجدانه لأبناء القارة الأفريقية، ونحن فى المقدمة منهم، بحكم الموقع ربما.. وبحكم التاريخ بالتأكيد!
ولو أنت نظرت إلى خريطة أفريقيا أمامك، فسوف ترى أن النيجر.. مثلاً.. على مرمى حجر منا، وكيف لا تكون كذلك وهى على حدود مشتركة مع ليبيا؟!.. وسوف ترى أن رواندا هى إحدى دول حوض النيل الخالد الإحدى عشرة، وأننا بالتالى نشرب من نهر واحد، وأكاد أقول من كوب واحد، وأن مدغشقر تشاركنا من موقعها فى شرق القارة، آمالاً فى التنمية تجمع ٥٤ دولة هى مجموع دول القارة السمراء.. وكذلك سيراليون بطبيعة الحال من مكانها على الخريطة فى أقصى جنوب الغرب!
وكان الشىء المشترك بين الكلمات كلها أن هذه القارة الممتدة من البحر الأحمر فى شرقها، إلى المحيط الأطلنطى فى غربها، ثم من البحر المتوسط فى شمالها، إلى المحيط الهندى فى الجنوب، إنما تمتلئ بالفرص فى المستقبل لعواصمها جميعاً، وبالفرص الاقتصادية بالذات، وأن المطلوب ليس سوى الإيمان بذلك، ثم العمل من أجله بإرادة وتصميم!
وعندما تحدثت الوزيرة سحر نصر فإنها حددت الطريق إلى هذا النوع من العمل، وهو ضرورة الإنفاق على البنية الأساسية بسخاء، ودون تردد.. البنية الأساسية التى تبدأ من الطرق، والموانئ، والمطارات، ثم تمر بالاتصالات، وتنتهى بالنقل، وتكنولوجيا المعلومات، لا لشىء، إلا لأن أى عملية حسابية بسيطة تقول إن كل دولار يجرى إنفاقه على هذه البنية، يجذب دولارين استثماراً فى كل مجال.. ومن الوارد طبعاً أن يجذب الدولار الواحد، ما هو أكثر من الضعف!
وحين جلس الدكتور محمد معيط، وزير المالية، يتحدث مع وليد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولى لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط، فإنه وضع مفهوماً للحماية الاجتماعية، هو المفهوم الأجدى بتركيز الدولة على كل المستويات.. إنه المفهوم الذى يرى أن توفير فرص العمل هو الطريق الأفضل إلى توفير حماية اجتماعية حقيقية!.. فالحماية الاجتماعية قد تكون فى شكل دعم عينى لمستحقيه، من نوع ما يقدمه الدكتور على مصيلحى فى وزارة التموين.. وقد تكون دعماً نقدياً من نوع ما قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أنه سيبدأ يناير المقبل، لكل أسرة تكتفى بطفلين اثنين.. وقد يكون فى صورة برنامج تكافل وكرامة، وغيره من البرامج المماثلة، التى تقدمها الدكتورة غادة والى فى وزارة التضامن.. ولكن ما هو أفضل من الأنواع الثلاثة، أن تقدم الحكومة فرصة عمل لكل باحث عنها خصوصاً بين الشباب!
أما إذا أرادت الدولة حماية اجتماعية أعلى وأعلى، فهى الصحة وهى التعليم.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع