بقلم - سليمان جودة
لم تكن وزارة الصناعة فى حاجة إلى أن تلف ولا إلى أن تدور، وهى تتحدث مع الناس فى بيانها الذى أصدرته عن وقف استيراد بعض السلع!.
كانت الوزارة فى حاجة إلى أن تكون صريحة فى كلامها، وكانت فى حاجة إلى أن تكون مباشرة فى الوصول للهدف من أقصر طريق، وكانت ولاتزال فى حاجة إلى تطوير هذه الطريقة التى تكلمت بها مع المصريين.. ولأنها لم تفعل شيئًا من هذا كله، فإن بيانها بدا كأنه لغز يستعصى على الأفهام، ثم بدا وكأن الذى تولى صياغته «مكسوف» مما يجب أن يقول!.
والذين طالعوا بيان الوزارة لابد أنهم أعادوا قراءته أكثر من مرة ليفهموا ما هو الموضوع.. وفى النهاية عرفوا بالكاد أن شركات تستورد سلعًا من الخارج تأخرت فى تسجيل بيانات مطلوبة منها، فتقرر وقفها عن استيراد بعض السلع إلى حين استكمال البيانات!.
والحقيقة أن البلد فى حاجة إلى العُملة الصعبة، والحقيقة أيضًا أن هذا هو السبب الحقيقى الذى كان يجب أن يقال للناس بصراحة دون إخفاء شىء.. فهو سبب وجيه، ومقبول، ومعقول، ولن يواجه اعتراضًا من أحد فى الغالب، لأن الهدف هو لصالح اقتصاد البلد، ولصالح تعزيز تماسكه وقدرته على الصمود فى مواجهة تحديات يصادفها هذه الأيام!.
هل يناقش أحد فى أن علينا أن ندخر العُملة الصعبة للضرورات؟!.. وهل يجادل مصرى بيننا فى أننا إذا كان لنا أن نختار فاختيارنا لابد أن يقوم على فكرة الأولويات، التى ترتب حاجاتنا حسب منطق الأهم فيها ثم الأقل فى الأهمية؟!.
هذه الحقيقة كان يجب أن تقال ببساطة لعموم المصريين، ليس فقط على سبيل المصارحة مع المواطنين، ولكن على سبيل إشراك كل مواطن فى الهم العام، وعلى سبيل اليقين فى أن هذا المواطن إنسان مسؤول، وعلى سبيل أن على الحكومة أن تضعه على الدوام أمام مسؤوليته.. وعندها سيتحمل نصيبه من المسؤولية، وسوف يفعل ذلك عن قبول، وعن رضا، وعن ترحيب!.
وإذا كانت وزارة الصناعة قد وجدت حرجًا فى المبادرة بمثل هذه المصارحة، وإذا كانت قد وجدت حياءً فى الكشف عن حقيقة ما صدر من أجله البيان، فإن الحرج لم يكن له محل من الإعراب، والحياء لم يكن له موضع ولا مكان، لأن لكل دولة أن تدير أمور اقتصادها بالطريقة التى تراها محققة لصالح مواطنيها، وبالطريقة التى تحترم عقولهم، وترغب فى أن تضعهم فى الصورة، وأن يكونوا جزءًا من الموضوع!.