بقلم - سليمان جودة
ليس الجديد فى العراق أن ثلاثين مرشحاً تقدموا إلى البرلمان العراقى لاختيار واحد من بينهم رئيساً للبلاد، خلفاً للرئيس الحالى فؤاد معصوم!. ولا الجديد أن الرئيس هناك يختاره المجلس النيابى، ولا يأتى بانتخابات مباشرة عبر الصندوق، ومن خلال العراقيين أنفسهم.. فنواب البرلمان هُم الذين انتخبوا معصوم، وهُم الذين انتخبوا جلال طالبانى، الرئيس السابق عليه، وهُم الذين سينتخبون الرئيس المقبل، إلى أن يتغير الدستور الذى يؤسس لوضع سياسى عجيب لم تعرفه أرض الرافدين من قبل!.
ففيما بعد الغزو الأمريكى جرى وضع دستور يعطل مصالح العراقيين أكثر مما يسهلها، ولم يكن غريباً مع دستور من هذا النوع أن تجرى انتخابات البرلمان فى ١٢ مايو الماضى، وأن يجرى إعلان نتيجتها بعد الانتخابات بأيام، وأن يعاد النظر فى النتيجة، وأن تظل البلاد من مايو إلى اليوم غير قادرة على تشكيل حكومة جديدة، كان المفروض أن تتشكل فى اليوم التالى لإعلان أسماء الفائزين فى السباق الإنتخابى!.
ولاتزال مشاورات تشكيل الحكومة، كلما قطعت خطوة إلى الأمام عادت خطوتين الى الوراء، وكلما تم الاتفاق على اسم رئيس الوزراء الجديد، استقبلت بورصة الأسماء اسماً مختلفاً!.. وقد كان هذا القدر الهائل من الارتباك السياسى من بين بركات دستور الغزو!.
وحتى الاسم الذى حظى بما يشبه التوافق، رئيساً جديداً، وهو برهم صالح، عاد وخضع لمزايدات كثيرة، وخلافات أكثر، بينما المواطن العراقى يدفع الثمن فى بلد يملك بترولاً كثيراً، ومياهاً تتدفق فى نهرين اثنين، وأرضاً صالحة للزراعة بلا حدود!.
الجديد حقاً هو أن بورصة ترشيحات الرئاسة شهدت طرح اسم السيدة سروة عبدالواحد، التى قالت إنها ترشح نفسها باعتبارها كردية مستقلة، وبوصفها نائبة سابقة، كما أنها تحظى بتأييد عدد لا بأس به من الأصوات داخل المجلس!.
ومَنْ يدرى؟!.. ربما أصبحت سروة رئيساً للعراق!.. وعندها ستكون أول رئيسة عربية بمثل ما كانت إلين جونسون سيرليف، رئيسة ليبيريا السابقة، أول سيدة تترأس بلداً أفريقياً، وقد ظلت على كرسى الرئاسة إلى شهور قليلة مضت، عندما خاضت الانتخابات من جديد فى ديسمبر من العام الماضى، أمام لاعب كرة القدم جورج ويا، فخسرت وغادرت لتفوز بعدها بجائزة مو إبراهيم للحكم الرشيد، وقيمتها خمسة ملايين دولار.. وهو رقم نتمنى لو أغرى رؤساء عرباً وأفارقة غيرها بالسير فى طريق الحكم من هذا النوع!.
ومَنْ يدرى أيضاً.. فربما عرف العراق على يد الرئيسة سروة ما لم يعرفه على أيدى الرؤساء من الرجال!.
نقلًا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع