بقلم-سليمان جودة
فى منتصف أكتوبر، كان رجل الأعمال الإماراتى خلف الحبتور فى القاهرة، وكان يمر فى حى مصر الجديدة، فوقعت عيناه على أكوام القمامة المنتشرة فى شوارع الحى، فراح يلتقط صوراً لما رآه، ثم راح يكتب على حسابه على «تويتر» ما يلى: القاهرة هى المدينة الغالية على قلبى، وأغار عليها غيرتى على وطنى الإمارات، ولكن وجود القمامة فى شوارعها غير مقبول دينياً ولا إنسانياً!.
وقد أشرت هنا وقتها إلى ما قاله الرجل، وتمنيت لو أن الغيورين من أبناء مصر الجديدة قد وصلتهم رسالته، إذا كان الأمر منذ بدايته قد فات هيئة النظافة المسؤولة، كما تمنيت لو أن المتطوعين من أبناء المنطقة قد ردّوا على كلامه بغيرة عملية تعيد النظافة إلى الحى، وتجعله جميلاً على الدوام كما عشنا نعرفه.. ولكن يبدو أن الرسالة من وراء كلامه قد وصلت الزمالك، ولم تصل بعد إلى مصر الجديدة!.
ففى الزمالك جمعية تعمل على نظافة الحى، وتسعى إلى إعادة بهائه القديم إليه، وأعضاء الجمعية يختارون يوماً من كل أسبوع ينزلون فيه إلى شارع من شوارعها، وفى أيديهم أدوات النظافة، ثم فى قلوبهم تصميم على أن يعود حيهم بديعاً كما كان!.
ومن بين أسباب عدم نظافة شوارع الزمالك وجود مدارس وكليات كثيرة فى شوارعها، ومن سنين كنت قد كتبت مراراً فى هذا المكان، أدعو إلى أن تكون الزمالك ومعها مناطق الدقى، والعجوزة، والمهندسين، ووسط البلد، منطقة خالية من المدارس، وكانت أرض مطار إمبابة جاهزة لتطبيق الفكرة، وكانت مُهيأة لإقامة مجمعات مدارس فى مكان المطار، وكان الأخذ بالفكرة كفيلاً بضرب عصفورين بحجر واحد!.
كانت الفكرة كفيلة بإتاحة التعليم لأبناء هذه المناطق فى مجمعات مدرسية عصرية على أرض المطار.. مجمعات تجسد الحقيقة التى تقول إن المدرسة ليست جدراناً وسقفاً والسلام، كما هو الحال فى مدارس الزمالك المخنوقة، ولكنها «أجواء» متنوعة ومجتمعة، تبدأ من الفصل، ثم تمر إلى المكتبة، ومن بعدها الحديقة المحيطة بالمدرسة، وتنتهى إلى الآفاق المفتوحة أمام الطالب كلما دخل مدرسته أو خرج منها!.
وكانت الفكرة كفيلة بالحفاظ على جمال العاصمة أمام محبيها، ممن يعرفون تاريخ الألف والخمسين عاماً الذى تجلس عليه، منذ بناها جوهر الصقلى عام 969م، وممن يفضلونها على باقى العواصم!.
ولا أعرف ما إذا كان فى العاصمة مسؤول يغار على القاهرة غيرة الحبتور عليها، فيتلقف فكرة أرض المطار أو غير أرض المطار، ويمسح الإهمال المتراكم عن وجه قاهرة المعز؟!.. لا أعرف.. ولكن ما أعرفه أن التحية واجبة لجمعية الزمالك، وأنها فى حاجة إلى دعم المحافظ خالد عبدالعال، وأنها يجب أن تكون عدوى تنتقل من الحى الجميل، أو الذى كان جميلاً، إلى سائر أحياء العاصمة.. فحرام أن يغار الحبتور على القاهرة، ثم لا يغار عليها أبناؤها!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع