سليمان جودة
قرأت لصالح الجاسر، مدير خطوط الطيران السعودية، أن بلاده قررت شراء 63 طائرة، من أحدث ما أنتجت صناعة النقل الجوى فى العالم، لتضاف إلى أسطول طائراتها، وأن هناك 50 طائرة أخرى، كان الأمير محمد بن سلمان، ولى ولى العهد، قد وقّع عقد شرائها فى باريس العام الماضى، وأن الطلائع الأولى من الـ63 طائرة، سوف تصل فى 2017!
وقرأت لصفوت مسلم، رئيس القابضة لمصر للطيران، أن الشركة اجتازت بنجاح اختبارات لجنة أمن النقل الأمريكى، دون أى ملاحظات!
واللجنة التى يشير إليها الرجل، جاءت ضمن الوفود الأمنية الغربية التى تفتش على مطاراتنا وطائراتنا، منذ سقطت الطائرة الروسية فوق سيناء فى أكتوبر الماضى.. وكأن هذه أول طائرة وآخر طائرة، تسقط فى العالم!.. ثم كأن مطاراتنا، ومعها طائراتنا التابعة لمصر للطيران، هى الوحيدة فى العالم، التى فى حاجة إلى مراجعة لإجراءات الأمن فيها!
إننا لم نسمع عن وفود من هذا النوع، تراجع مطارات وطائرات فى لندن، أو باريس، أو بروكسل، مع أن الإرهاب ضرب طائرات فى بلاد العواصم الثلاث، لا طائرة واحدة عندنا، كما حدث فوق سيناء!
ومع ذلك، فإننى أريد أن أعود إلى كلام صفوت مسلم، ولا أستطيع أن أتخلص من هاجس المقارنة بين مصر للطيران، التى تمثل الخطوط الوطنية للبلد، والتى لابد أن تكون موضع غيرة من كل مصرى وطنى، وبين خطوط الطيران الأخرى التى تمرح فى الفضاء من حولنا فى المنطقة وتغرى ركابها بالجديد كل يوم!
ولا أنسى أنى كنت قادماً على طائرة من طائرات خطوطنا الوطنية، من الدار البيضاء، الشهر الماضى، فسمعت عتاباً من صديق عربى، كان على الرحلة نفسها، وأزعجه جداً أن تكون الرحلة ست ساعات، ثم تفرض الشركة على الركاب فيلماً واحداً يشاهده كل واحد فى كرسيه، رغم أنفه، على شاشة كان التشويش، لا الوضوح، هو الغالب عليها!
نظرت إلى الشاشة أمامى، فوجدت أن صديقى الذى اختار مصر للطيران، دون غيرها، على حق تماماً، وتذكرت أن خطوط طيران أخرى عربية لا غربية، تقدم لركابها خدمة أفضل بكثير، وأن مصر للطيران لا يجوز، بأى حال، أن تكون أقل منها، وإلا، فإن الراكب بطبيعته سوف يتجه للخطوط صاحبة الخدمة الأفضل!
وعلى الرحلة نفسها، روى لى مدير طاقم الضيافة أن خطوط طيران محددة فى المنطقة، تصعد بقوة، وأنها تغرى طيارينا برواتب أعلى، وأن كثيرين منهم لا يستطيعون أن يقاوموا!
لا أريد أن أذكر رقم خسائر مصر للطيران المتراكم، لأنه رقم مرعب، ولأنه لا أحد يعرف من بالضبط المسؤول عنها، ولكن ما أعرفه أن خطوطنا الوطنية فى حاجة إلى ثورة، بكل ما تعنيه الكلمة، فالانطباع الأول عنا، لأى سائح يزورنا لأول مرة، يأتيه من طائرة مصر للطيران، التى يركبها من بلاده، ثم من المطار الذى يهبط فيه.. وأنا أراهن كثيراً عليها، بعد أن رويت فى هذا المكان، قبل أيام، المشهد التعيس الذى عاشه العائدون، فى صالة الوصول، بالمطار القديم، مساء العاشر من سبتمبر!
نريد أن نفوِّت الفرصة على كل متربص بنا، ونريد «مصر للطيران» فى مستوى «الإماراتية» و«الاتحاد» لا أقل.. نريد مطاراً فى مستوى مطار دبى، لا أقل، ولا من النوع البائس الذى رأيته مع آلاف غيرى، مساء 10 سبتمبر.. نريد هذا كله، لا أقل منه، لا لشىء إلا لأن مصر تستحق!