سليمان جودة
المحيطون بالرئيس لن يكونوا أمناء معه، كما يجب، إلا إذا عرضوا عليه موجزاً عن تقرير جهاز الإحصاء المفُزع، الذى يتعرض لحوادث الطرق فى البلد، خلال سنة واحدة!.
ولن تكتمل الأمانة معه، من جانبهم، إلا إذا صارحوه بأن الأرقام الواردة فى التقرير تخص عام 2015 فقط، وأن هذا العام قد بدأ بعد أن كان الرئيس قد قضى ستة أشهر فى منصبه، وبعد أن كان قد بدأ بالفعل فى إنشاء شبكة طرق جديدة، كان هو قد تعهد بأن ينشئ منها 2500 كيلومتر فى كل سنة، من سنوات فترة رئاسته الأولى!.
المحيطون بالرئيس عليهم مسؤولية ربما تكون أكبر من مسؤولية الرئيس نفسه، لأنه من خلالهم يمكن أن يعرف حقيقة ما يدور من حوله، وفى البلد عموماً.. أو لا يعرف!.
وإذا عرف الرئيس منهم أن 25 ألف مواطن بين قتيل ومصاب، قد راحوا ضحية حوادث الطرق فى عام واحد، فلابد أنه سوف يسأل نفسه عندئذ، عما إذا كان البدء فى الشبكة الجديدة، التى هى إحدى النقاط المحسوبة له، قد منع عدد ضحايا الطرق من أن يرتفع، ثم عن معنى أن يصل عدد القتلى وحدهم إلى ستة آلاف، بمتوسط عشرين قتيلاً فى كل صباح!.
المعلومات قادمة من جهاز الإحصاء، وهو واحد من أجهزة الدولة، وليس جهازاً فى دولة عدو، ولا هو جهاز من بين أجهزة الخصوم، وحين يقول لنا بالأرقام، إن 20 مصرياً يفقدون حياتهم يومياً على الطرق، فهذا فى حد ذاته معدل مخيف، بل هو مرعب، ويجعل الذين يقرأونه خارج البلد يتساءلون فى ذهول عن شكل هذه الطرق عندنا، التى تأكل عشرين مصرياً فى كل طلعة نهار.. بخلاف المصابين الذين هم ثلاثة أضعاف!.
وفى كل مرة كان الرئيس يتحدث فيها عن شبكة الطرق الجديدة، كنت أقول إنها من حسناته، وكنت فى كل مرة أيضاً أطلب منه أن ينتبه إلى أن بقاء شبكة الطرق القديمة، بامتداد 24 ألف كيلومتر، على حالها الراهن، سوف يحول حسناته، فى هذا المجال تحديداً، إلى سيئات فى النهاية، وسوف يظل يسحب من رصيده، باستمرار.
ماذا أفعل لو كنت فى مكانه؟!.. أطلب من الذين ينفذون الشبكة الجديدة، أن يعيدوا صيانة وترميم 5 كيلومترات من الشبكة القديمة، فى مقابل كل كيلومتر واحد، يجرى مده فى الشبكة الجديدة، وعندها سوف يشعر الملايين ممن يقطعون طرق الشبكة القديمة، يومياً، أن إنجازاً يتم، وأنه تحت أرجلهم، وأمام أعينهم!.
ضعوا تقرير «الإحصاء» الصادم أمام الرئيس!.