سليمان جودة
«كم يتقاضى الوزير فى مصر؟!».. طرحت هذا السؤال عندما كنت رئيساً لتحرير «الوفد»، وجاءنى رد واضح ومباشر من الدكتور حازم الببلاوى، وزير المالية وقتها!
أذكر أنى نشرت رد الرجل فى صدر الصفحة الأولى، وأذكر أنه قال إنه عندما أصبح وزيراً، لم يكن يعرف كم بالضبط سوف يتقاضى، وأنه حينما ذهب مصادفة إلى البنك الذى يتعامل معه، اكتشف أن الحكومة حولت له ٤٥ ألف جنيه فى حسابه، وكان ذلك بعد أن قضى فى الوزارة شهراً ونصف الشهر، ففهم أن راتبه سوف يكون ٣٠ ألف جنيه شهرياً!
وقتها، كان عدد من الذين دخلوا الوزارة فى غفلة من الزمن، وفى «هيصة» ٢٥ يناير، يرددون دائماً أنهم لا يجدون ما ينفقونه، وأن راتب الوزير جنيهات معدودة، وأن الوزير يعيش فى تقشف، وأن راتبه أقل كثيراً مما يتصور كثيرون، وأنهم على باب الله؟! كانوا يقولون هذا ويكررونه على الرأى العام، بلا ملل، وبلا خجل، وبلا حياء، فجاء رد الوزير الببلاوى ليضع حجراً فى فم كل واحد منهم!
وما أذكره كذلك أن الدكتور حسن نافعة قد علّق على رد الوزير الببلاوى، وقال- ما معناه- إن هذه هى المرة الأولى التى نعرف فيها منذ ثورة يوليو ١٩٥٢، معلومة محددة ودقيقة عن راتب الوزير فى البلد.. لقد جاءت المعلومة من مصدرها المباشر، بشجاعة أحسبها إلى اليوم للدكتور الببلاوى.
أقول ذلك ثم أطلب من المهندس شريف إسماعيل، الذى أثق فى ذمته، أن يقول لنا شيئاً محدداً أيضاً عما إذا كانت الثلاثون ألفاً التى تقاضاها الوزير الببلاوى عام ٢٠١٢ لا تزال كما هى، أم أنها زادت وتحركت!
لقد ذكر المستشار هشام جنينة، فى حواره مع «المصرى اليوم» قبل أيام، أن شيكاً خالص الضرائب بثلاثين ألف جنيه يذهب من مجلس الوزراء عند نهاية كل شهر إلى كل وزير، وإلى كل مسؤول آخر يحمل درجة وزير، وأنه قد رفض تسلمه وقت أن كان رئيساً لجهاز المحاسبات بدرجة وزير!
والسؤال هو: هل هذا الشيك خالص الضرائب مختلف عن الثلاثين ألفا التى حددها الوزير الببلاوى فى خطابه لى، فيكون مرتب الوزير ٦٠ ألفاً.. أم أنه، أقصد الشيك، هو كل راتب الوزير؟!
على مجلس الوزراء أن يبرئ ذمته، لأن الوزير خالد حنفى قال قبل استقالته، إنه دفع ٥٠٠ ألف جنيه على ثلاث سنوات لفندق سميراميس، مقابل إقامته فيه، بما يعنى أنه دفع نصف راتبه تقريبا، إذا كان الراتب ٣٠ ألفاً، وبما يعنى أنه دفع ربع الراتب، إذا كان ٦٠ ألفاً!
كم كان خالد حنفى يتقاضى بالضبط؟!.. هذا سؤال لابد أن يُجاب عنه لأن له ما بعده.. وكم كان فى إقرار ذمته المالية يوم دخل الوزارة؟!.. هذا سؤال آخر لابد أن يُجاب عنه دون أى مواربة، ودون لف ولا دوران، حتى تثبت الحكومة للذين يكتوون هذه الأيام بنار الغلاء أنها حريصة على كل قرش فى المال العام، وأنها لا تنوى «الطرمخة» على شىء فى ملف خالد حنفى من أوله إلى آخره، ودون استثناء لأحد يكون اسمه قد جاء فى الملف!
وأكرر: دون استثناء!