سليمان جودة
أشعر بالحزن كلما تذكرت أن نصيب بلدى من السياحة ، حالياً، يدور حول 1% من حجمها عالمياً، في وقتٍ لا يتوقف فيه الغيورون على وضعنا السياحى عن تذكيرنا بأن عندنا ثُلث آثار العالم!
فالآثار التي نملكها، أياً كان عدد مواقعها، مقارنة بمواقع أثرية أخرى في أنحاء الأرض، لم تعدْ هي السبب الوحيد الذي يُغرى السائح بالمجىء إلينا؛ لأن السائح الذي زار معبدالكرنك، مثلاً، لن يتحمس لزيارته مرة أخرى، ولا كذلك الذي زار معابد فيلة في أسوان، ولكنه سوف يتحمس عشرين مرة لقضاء وقت ممتع في «كتاراكت» أسوان، أو في «ونتر بالاس» الأقصر، أو في أي شاطئ من شواطئنا.
وسوف يكون مستوى الخدمة، في مثل هذه الفنادق والشواطئ وغيرها، هو الفاصل في الموضوع كله، وبناءً على مستوى الخدمة الذي سوف يجده السائح فيها، منذ أن يغادر بلاده إلى أن يعود لها، سوف يقرر أن يعود مرة أخرى، ومرتين، وثلاثاً.. وعشراً.. ويدعو غيره للمجىء، أو لا يأتى، ويدعو غيره أيضاً في الاتجاه نفسه!
وعندما قال جهاز الإحصاء، في تقرير له قبل أسبوع، إن مقارنة بين مايو 2015 ومايو 2014 تُظهر زيادة في عدد السياح قدرها 16.5%، أحسست بشىء من التفاؤل، غير أنى في اللحظة ذاتها أيقنت أن ملف السياحة، بوجه عام، لا يزال الاهتمام به دون المستوى، ولا يزال في حاجة شديدة إلى اهتمام أكبر على مستوى رئيس الدولة أولاً، ثم رئيس الحكومة ثانياً، ثم وزير السياحة بطبيعة الحال.
لقد أبدى الرئيس اهتماماً خاصاً بهذا الملف، على مدى عام مضى، مرتين أساسيتين: مرة عندما استقبل رجال سياحة كباراً من أنحاء العالم، وكان ذلك بترتيب من الوزير هشام زعزوع وقتها، ومرة بأن استقبل خالد رامى، وزير السياحة الحالى، ضمن استقبالات رئاسية لعدد من الوزراء، كان كل واحد منهم على حدة قبل رمضان.
ولأن قطاع السياحة هو الأكثر معاناة منذ يناير 2011، ولأنه بجميع العاملين فيه هو الأكثر تحملاً لفاتورة يناير 2011 اقتصادياً، فإنه لا يزال في حاجة حقيقية إلى التفاتة كبيرة من الرئيس، ومن رئيس وزرائه ووزير سياحته، ولابد أن يسمع الرئيس وهو يتحرك على هذه الأرض، ومعه رئيس حكومته، من أهل السياحة الكبار، جنباً إلى جنب مع الوزير المسؤول.
السقف عندما يكون عند حدود 1% عالمياً، أي عشرة ملايين بالكاد، فهذا معناه أن هناك خللاً، وهذا معناه أننا حتى الآن نبدو عاجزين عن «بيع» الإمكانات السياحية في البلد كما يجب، لأن بيعها فعلاً يرفع العشرة ملايين إلى 30 مليوناً، في عام واحد، وبعائد 30 مليار دولار، ولسنا نحتاج في هذا الطريق سوى إلى شيئين: أولهما اجتماع رئاسى آخر مع منظمى الرحلات عالمياً، بحيث يكون من نوع ما دعا إليه الوزير زعزوع في وقته، ثم اجتماع رئاسى أيضاً مع الوزير المختص، ومعه عدد محدود من الذين استثمروا في المجال كثيراً، ومن زمان، ويعرفون الطريقة التي يمكن بها اقتناص السائح وإغراؤه بأننا سياحياً أفضل من غيرنا، ممن هم حولنا في المنطقة.
نستطيع جميعاً، ويستطيع الرئيس، لو أن الملف تم عرضه عليه بأمانة!