سليمان جودة
فى مدينة طنجة المغربية، صليت الجمعة فى مسجد سوريا الذى أنشئ عام 1974 تكريماً لعدد من الشهداء المغاربة، كانوا قد شاركوا الإخوة فى سوريا حرب 73.
ومنذ أن عاد الشهداء إلى أرض بلادهم، فإن المسجد ظل يحمل اسم الأرض التى استشهدوا فيها، بعد أن افتتحه الملك الراحل الحسن الثانى، فى ذكرى جلوسه على العرش عام 1975.
كان خطيب المسجد يقرأ من ورقة، ولم يكن يرتجل شيئاً إلا الدعاء الأخير، وكانت خطبة قصيرة لم تتجاوز العشر دقائق، بقدر ما كانت مفيدة، وكان الرجل يحث الناس على مكارم الأخلاق، وينقل عن الرسول الكريم قوله إن أقرب الناس إليه يوم القيامة هم الأحسن أخلاقاً دون سواهم.. والمعنى أنه (عليه الصلاة والسلام) لم يذكر أن الأكثر عبادة سيكون الأقرب إليه، ولكنه الأحسن أخلاقاً دون غيره، لأن الدين إذا كان منقسماً إلى عبادات وإلى معاملات، فالأولى تظل بينك وبين ربك، والثانية تبقى دائماً بينك وبين الآخرين.
ولا أستطيع أن أنسى ما قاله الدكتور حسام بدراوى، قبل أيام، عن أن المتطرف هو الذى ينشغل بعلاقة الآخرين بالله، وأن المعتدل حقاً هو من ينشغل بعلاقته هو بربه.
لم أجد فى كلمة الخطيب المغربى المكتوبة مشكلة من أى نوع، على نحو ما ثار عندنا قبل أسابيع، بما يعنى أن المشكلة ليست فى أن تكون مكتوبة، أو تكون مرتجلة، ولكن المشكلة دائماً فى مضمونها، وفى «رسائلها» إلى كل شخص يتلقاها عن الخطيب، فإذا كانت ذات مضمون حقيقى، وإذا كانت تحمل رسالة إيجابية لكل سامع لها، فلا مشكلة عندئذ فى الطريقة التى سوف تصل بها إلى سامعها.
وحين قرأت، يوم الثلاثاء الماضى، أن هيئة كبار العلماء فى الأزهر الشريف قد رفضوا بالإجماع الخطبة المكتوبة التى كان وزير الأوقاف الدكتور جمعة قد اقترحها، لم أشعر بأى راحة، لأنى كنت أتوقع أن تقدم الهيئة البديل، لا أن ترفض وفقط!
إن هناك فرقاً بين أن أرفض أنا، أو ترفض أنت، الخطبة المكتوبة، لأسباب تخص كل واحد منا، وبين أن ترفضها هيئة مثل هيئة كبار العلماء، فتقول إنها ترفضها للأسباب الفلانية، وإن حال الخطبة المرتجلة حالياً، لا يعجبها، وإن البدائل هى كذا.. وكذا.. على وجه التحديد.
إن مجرد الرفض يشير إلى أن التنسيق المسبق بين كيانين كبيرين، مثل الأزهر الشريف والأوقاف غير قائم، ولا أعرف أين تقف مؤسسة ثالثة كبيرة، مثل دار الإفتاء، من هذا الملف، وكل ما أخشاه أن يكون رفض الهيئة للخطبة المكتوبة هو من قبيل الكيد للوزير جمعة.. لا أكثر! والمؤكد أننا فى ظرف لا يحتمل هذا أبداً ولا يطيقه.