سليمان جودة
رغم أن ما أعلنته اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، فى السابعة من مساء أمس الأول، لم يكن جديداً، أو بمعنى أدق لم يأت بجديد، ورغم أن المستقر لدى الجميع، على مدى أيام مضت، كان أن الفائز فى سباق الرئاسة، هو فلان تحديداً، فالملايين كانوا، فيما بدا، يقفون على أطراف أصابعهم، وكانت قلوبهم تدق بقوة، فى اللحظة التى أعلن فيها المستشار أنور العاصى، رئيس اللجنة، اسم الفائز على مرأى ومسمع من العالم!
قارنت، من جانبى، بين تلك اللحظة، ومثيلتها فى انتخابات 2012، فأحسست بفارق هائل لصالح الأولى، بل أحسست بأنه لا وجه للشبه، ولا للمقارنة بينهما!
ففى 2012، نذكر جيداً كيف خلت الشوارع تماماً من المارة فى عز الظهر، ونصح كل واحد الآخر بألا يكون متواجداً فى الشارع لحظة إعلان اسم الفائز، لأن الجماعة الإخوانية، التى تتكلم فى كل ساعة، بما قال به الله - تعالى - وبما قال به رسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام - كانت قد هددت بأنها ستحرق البلد، إذا لم تعلن اللجنة فوز مرشحها الإخوانى!
لك، إذن، أن تتصور مدى فزع اللجنة، يومها، ومدى رعبها، إذا تبين لها فى أوراقها أن الفائز ليس المرشح الإخوانى.. ثم لك أن تتخيل مدى خوف الناس، من أن تؤدى لحظة فرح كهذه إلى عنف فى كل مكان، لا لشىء إلا لأن اسم الفائز لن يكون على هوى جماعة بعينها!
ثم إن عليك أن تذكر، الآن، كيف روعت الجماعة الإخوانية الناس فى يوم، المفروض فيه أنه يوم بهجة، وكيف جعلتهم يلزمون بيوتهم غصباً عنهم، فلا ينزلون إلى الشارع، لأن الإخوان «المسلمين» فى انتظارهم.. نعم الإخوان «المسلمين».. مع وضع الكلمة الأخيرة بين أقواس، لينتبه الذى لم ينتبه إلى أن هذا كله وغيره، كانت الجماعة تمارسه، ولاتزال، وهى تحمل شارة الإسلام، بكل أسف، على صدرها!
ليس هذا فقط، وإنما عليك أن تذكر أن المرشح الإخوانى عندما جاء ليلقى كلمة، بعد إعلان فوزه، اضطراراً من جانب اللجنة فيما يبدو، قد راح يخاطب عشيرته وأهله، ويقدمهم على كل الذين هم سواهم، بينما وقف المرشح الفائز، هذه المرة فى 2014، يخاطب المصريين جميعاً، دون أن يميز بينهم!
بل إن عليك أن تتوقف أمام المرشح الفائز، أمس الأول، وهو يذكر اسم المرشح المنافس أمامه، ثم يشكره، ويدعوه، مع غيره، إلى أن نعمل جميعاً، من أجل وطن واحد لابد أنه يتسع للكل، دون تفرقة بين واحد وآخر، على أى أساس!
توقف من فضلك هنا، ثم ارجع بذاكرتك إلى اللحظة ذاتها، فى 2012، وكيف أن مرشحها الفائز لم يذكر المرشح المنافس أمامه، من قريب، ولا من بعيد، وهو لم يتوقف عند حدود أنه تجاهله فى كلمته، وإنما راح يطارده هو وجماعته، فيما بعد الانتخابات حتى اضطره إلى أن يغادر البلد، لاجئاً فى دولة الإمارات العربية، إلى اليوم!
تقاطر هذا كله وغيره فى ذهنى، وأمام عينى، 7 بالليل، أمس الأول، فأردت أن أجعلك شريكاً معى فيه، قبل أن تفلت اللحظة من بين أيدينا، بضغط لحظات أخرى مقبلة من بعدها!